نحو موازنة بدون عجز
إذا صح أن المساعدات الأميركية للأردن هذه السنة سوف تبلغ 1475 مليون دولار كما يقول أحد تقارير الكونجرس. وإذا استمرت منحة الدول الخليجية (عدا قطر) بنفس المعدل أي 800 مليون دولار. وإذا أضفنا المنح التي سترد من الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما ، فإن الموازنة العامة لسنة 2016 ، إذا لم تحقق فائضاً ، فيجب أن تنتهي بدون عجز.
حصة الخزينة من المساعدات الأميركية لا تزيد عن الربع ، إلا أن المساعدات الأميركية وغير الاميركية التي تذهب مباشرة إلى قطاعات المياه والصحة والتعليم والتنمية المحلية والبيئة وغيرها تخفف الضغط عن الموازنة ، وتوفر مبالغ كانت ستصرف من بند النفقات الجارية أو الرأسمالية. وينطبق ذلك على المبلغ المخصص للقوات المسلحة مما، يمكنها من العمل بموازنة أقل مما كان يلزم لولا المنح العسكرية.
تحت هذ الظروف تحتاج وزارة المالية لإعادة النظر في جميع بنود الموازنة العامة بحيث يمكن الاستغناء عن الاقتراض إلا بمقدار ما يتم تسديده من القروض السابقة.
إعادة فتح الموازنة أصبحت خطوة واردة إن لم تكن واجبة ، ليس فقط لتوفر منح خارجية تزيد عما تحقق في العام الماضي ، وليس لأننا أمام برنامج إصلاح اقتصادي جديد يستوجب أن تلبي الموازنة العامة أهدافه واتجاهاته ، بل أيضاً لأن لدينا وزير مالية جديداً من حقه أن يتدخل في أرقام الموازنة التي أعدت قبل تسلمه المنصب الوزاري.
الإصلاح الاقتصادي المنشود يتركز في تقليص المديونية ، وتخفيض عجز الموازنة ، ورفع نسبة النمو الاقتصادي. ويبدو واضحاً أن تحت يد الحكومة هذه السنة موارد مالية كافية لتحقيق هذه الأهداف أو الاقتراب منها بدلاً من السماح للمديونية وعجز الموازنة بالاستمرار في التفاقم.
لم أتطرق للمنح الكبيرة التي تقررت مؤخراً في مؤتمر المانحين بلندن ، ليس فقط لأنه لم يتحقق منها دولار واحد حتى الآن ، بل أيضاً لأنه ليس من الحكمة التصرف على اساس أن التزامات مؤتمرات المانحين هي التزامات حقيقة برسم التنفيذ.
ما أراده مؤتمر المانحين بلندن هو إغراء الأردن بالاستمرار في فتح حدوده للجوء السوري ، وأن يتساهل في منح فرص العمل للعمال السوريين ، أي تطبيق سياسة التوطين على أمل أن (المجتمع الدولي) سيعوض الأردن مالياً وليس كلامياً.
هذه ليست أول مرة يقوم فيها الأردن بالمطلوب منه بدون شروط مسبقة اعتماداً على شهامة المانحين ، فقد فتح حدوده للجوء السوري مجاناً ، ووقع معاهدة السلام مع إسرائيل مجاناً.
(المصدر: الرأي 2016-04-07)