أوراق بنما
المجموعة المختصة بالصحافة الاستقصائية التي حققت في أوراق بنما واستخلصت معلومات شاملة من آلاف الوثائق ، تريد أن تعتبر أوراق بنما خبطة صحفية لا مثيل لها.
الواقع أن أوراق بنما لم تكشف عن مفاجأة ، فالكل يعرف بوجود حسابات سرية بمليارات الدولارات وشركات وهمية مسجلة في بنما ومناطق أوف شور أخرى معروفة تديرها شركات محاماة عالمية ليست موساك فونسيكا سوى واحدة منها.
هذا الأسلوب في إخفاء الثروات معروف ، وما تم الكشف عنه يتعلق بعملاء شركة محامين واحدة ، ولكن هناك شركات أخرى ومحامون كثر في بنما وعدة جزر ومناطق صغيرة أوف شور لم تكتشف أسرارها بعد.
لا تكمن المفاجأة في معرفة أن هذا الزعيم أو ذاك يملك ثروة طائلة يفضل أن لا يعرف بها أحد. المفاجأة تكمن في شخصيات عديدة مرشحة لهذه العملية لم ترد في القوائم السـوداء ، ربما لانها تتعامل مع شركات محامين آخرين ، أو تعمل في مناطق أوف شور أخرى ، أو تدار ثرواتها من قبل ترست في لوكسمبورج.
الاحتفاظ بحسابات أوف شور ، وتسجيل شركات حقيقية أو وهمية ، لا يخالف القانون. المشكلة التي يواجهها أصحاب تلك الودائع والشركات تكمن في صعوبة تفسير هذه الحالة: من أين لك هذا؟.
هناك أربعة أسباب على الأقل تدفع للتستر على الثروة والاحتفاظ بها في مكان بعيد. أولها التهرب الضريبي ، فمناطق أوف شور لا تفرض ضرائب ، والبلدان الأصلية لا تعرف بوجود هـذه الثروة وما إذا كان قد تم كسبها في البلد المعني ، ودفعت عنها الضرائب المستحقة ، أم لا.
والسبب الثاني هو الفساد ، فأصحاب هذه الثروات الطائلة لا يستطيعون تفسير كيفية حصولهم عليها ، ولا يمكن أن يكون المصدر غير الفساد أو نشاطات غير مشروعة ، مما ينقلنا إلى السبب الثالث وهو غسل الاموال القذرة لتبدو بعد حين أنها أموال نظيفة تم كسبها في الخارج بوسائل مشروعة. أما السبب الرابع فهو تمكـّن أصحاب هذه الشركات من الحصول على مشاريع وعطاءات باسم الشركة الأجنبية دون أن ُيعرف صاحبها الحقيقي.
بعض الفاسدين الكبار لا يجازفون بسمعتهم ولذا يستعملون واجهة يختفون خلفها. وهناك شركات عديدة يتم تسجيلها باسم شخص موثوق بينما المالك الحقيقي شخص آخر حريص على سمعته ولا يجازف بانكشاف أمره.
(الرأي 2016-04-08)