إعفاءات سياسية بكلفة عالية
![إعفاءات سياسية بكلفة عالية إعفاءات سياسية بكلفة عالية](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/4ec4bd518fef4dc41540ac3db982e631.jpg)
خلال الشهور القليلة الماضية خطر للحكومة أن تخرج بمجموعة كبيرة من الإعفاءات الضريبية لقطاعات اقتصادية ومناطق جغرافية ونشاطات معينة.
لم تكن هذه الإعفاءات اقتصادية بل سياسية بالدرجة الأولى ، وليس من شأنها أن تزيد الإنتاج الوطني ديناراً واحداً ، ولكنها تكلف الخزينة أكثر من 200 مليون دينار سنوياً ، تضاف إلى العجز المتفاقم أصلاً.
إعفاءات بدون لزوم ، ليس لها مبررات اقتصادية ، وتمثل استجابة لضغوط أصحاب المصالح ، والنتيجة وضع عقبات إضافية في وجه أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي القادم.
تحسـن الحكومة صنعاً إذا قررت التراجع عن هذه الإعفاءات بقرار واحد شامل ، لأن الاعتراف بالخطأ والرجوع عنه فضيلة تحسب للحكومة وليس عليها.
لم تتضح بعد معالم وأبعاد برنامج الإصلاح الاقتصادي القادم بانتظار المفاوضات الشاقة بين الحكومة والصندوق المقررة خلال شهر أيار القادم ، لكن برنامج الصندوق لن يقتصر على زيادة الضرائب وإنقاص الدعم ورفع الأسعار كما يروّج البعض ، وإن كانت هذه الامور واردة لأنه بدون قدر منها لا يمكن تخفيض العجز وتقليل الحاجة للاقتراض. وقد جاءت الإعفاءات بالجملة في الاتجاه المعاكس.
التركيز بعد الان سيكون على المديونية ، التي اتضح الآن أنها تمثل التحدي الأول الذي يواجه الاقتصاد الأردني. ومن هنا فإن البرنامج المنتظر لا يستهدف وقف التسارع في ارتفاع المديونية كنسـبة من الناتج المحلي الإجمالي وحسب ، بل يهدف أيضاً إلى تخفيض هذه النسبة بحوالي 15 نقطة مئوية ، وهي مهمة صعبة تستوجب اتخاذ قرارات غير شعبية ، على طريقة تجرع الدواء المر.
بهذه المناسبة استذكر التجربة التي قادها رئيس الوزراء الأسبق زيد الرفاعي ، عام 1988 عندما استدعى الصندوق لمواجهة الأزمة ونضوب العملات الأجنبية والتوقف عن تسديد الديون.
في خلال الشهور الثلاثة أو الأربعة ، آواخر 1988 وأوائل 1989 ، اتخذت حكومة الرفاعي قرارات تمثل إصلاحات جوهرية تستبق برنامج الصندوق ، وتجعل تطبيقه تحصيلا حاصلا ، الامر الذي يثبت أن المسوؤل الأردني يعرف تماماً ما يجب عمله مثل خبراء الصندوق أو أكثر قليلاً ، ولكن المهم هو إرادة التغيير وتحمل المسؤولية.
زيد الرفاعي يتحمل جزءاً من مسؤولية الوصول إلى الأزمة الاقتصادية ولكنه يستحق التقدير لعدم التردد في الاعتراف بالمشكلة، ودعوة الصندوق للإنقاذ ، ومن ثم سبقه لبدء عملية الإصلاح الجراحية.
(الرأي 2016-04-10)