صراخ مكبوت بوجه كيري !
لو قدر لأي ياباني أن يفعلها لمنع أي زائر أميركي رسمي وغير رسمي من زيارة بلاده. فأكثر من سبعين عاما على القنبلة الذرية التي رميت على هيروشيما والأخرى على ناجازاكي، لا يمكن نسيانها، مازال هنالك من يتذكرون لحظتها، وما زالت اجيال المدينتين تهز اوراق التاريخ كي لاتغفر ولا تنسى.
وزير الخارجية الأميركي جون كيري في اليابان اليوم التي لم تخرج ولن تخرج من كابوس القنبلتين. حتى اولئك الأميركيين الذين رموا القنبلتين من الطائرة اصيبوا بانهيارات عصبية وبعضهم فقد عقله. رأوا مشهدا لم يكن له مايشبهه من قبل.. عشرات الالاف ماتوا خلال اقل من ثانية، وما تبقى معاناة من الحروق والصدمة، مع ان الياباني قادر بطبيعته على تحدي الألم ولديه رغبة دائمة بتجاوزه.
لم تعتذر أميركا لليابان، تماما كعدم اعتذارها لفيتنام ولكوريا وللشعب الفلسطيني والعراقي والليبي والعديدمن الشعوب.. ومثلها فرنسا من حربها على الجزائر، ثم بريطانيا التي باعت فلسطين للصهاينة بثمن الوعد الذي انتج اكبر كارثة تهجير في التاريخ لأبناء فلسطين الأصليين واستيطان وطنهم. كلهم لايعتذرون لأن الانسان بالنسبة اليهم ارخص الموجودات مع انه اشرفها.
والياباني بطبعه ايضا لايصرخ، لكنه يحمله مكبوتا بوجه كيري.. المظالم لها فعل الجرس الذي يبقى يرن مذكرا وربما محذرا. تقدمت البشرية من حلال الاختراعات في مجالات مختلفة، لكن الفعل الشنيع في اكل الكبير للصغير، في محاولة القضاء عليه، وفي تبني كل مايخالف شريعة الانسانية، ستظل على مايبدو تطل كلما تجددت الامبراطوريات وعادت بشكلها الحديث. الولايات المتحدة ابرزها، عالم متقدم ومتطور، لكنها لم ترق بعد لتكون حكما محايدا، ظلت منحازة وظل ذراعها يضرب بلا هوادة وفي اي توقيت مناسب لها كما جرى في العراق وافغانستان، وكما يجري ضد سوريا.
لايبدو ان الامبراطوريات تتعلم طالما انها تملك القوة الزائدة التي تعمي التفكير والابصار. وسيبقى واضحا، ان الأميركي غلبت عليه تلك النزعة ولم تغيرها تطورات البشر.. خاضها حربا باردة فكان نصيب الفقراء موتا وجوعا ودمارا، ثم بشكل احادي حين انهار الاتحاد السوفياتي لم تتغير صورته، وهاهو بعدها يقدم نسخة مماثلة عن نزعته تلك في اكثر من مكان.
كلما تذكرت مشهد الطائرة الأميركية التي ألقت القنبلة على هيروشيما، اشعر بان التاريخ توقف هناك، زادت قدرات أميركا من القوة النووية.. صحيح ان احاديث كثيرة قيلت عن امكانية اخراجها من المعادلة، الا ان اختراع الشيء يعني استعماله ضمن الظروف التي يتطلبها. تملك الولايات المتحدة من القوة النووية مايدمر الارض بكل ماعليها من انسان وحجر، وحتى الفضاء ايضا.
هل يغير اعتذار الأميركي من اليابان وغيرها من الاحداث المأساوية التي نفذتها تلك القوة الهائلة. لااعتقد هو الجواب لأن ماجرى قد وقع وادى اغراضه. لكن يظل المطلوب ان يتخلص العالم من التحديات التي تواجهه، ان من فعل الهيمنة السياسية الأميركية التي لها دائما شكل العصا، او من خلال الحصارات الاقتصادية التي تفرضها وهي الأكثر ألما على من تنزل به.
(الوطن العمانية 2016-04-11)