زيارة كيري.. وحال العراق في ذكرى الاحتلال

تم نشره الإثنين 11 نيسان / أبريل 2016 01:25 صباحاً
زيارة كيري.. وحال العراق في ذكرى الاحتلال
محمد كعوش

حطت الطائرة العسكرية الاميركية في بغداد ، هبط على سلمها وزير الخارجية الاميركي جون كيري وبرفقته فرقة كاملة من المساعدين يحملون حقائب طافحة بالاوراق والملفات ، في مشهد يشي بأنهم قادمون لترتيب الخلافات داخل النظام المضطرب وحل مشكلات الحكومة التي اصبحت مزمنة.

ولكن الحقيقة ان زيارة وزير الخارجية ورفاقه الى بغداد لم تكن صدفة في توقيتها ومقاصدها ، بل هي زيارة رمزية لها معناها ، وتحمل رسائل كثيرة اراد منها الاميركيون تذكير العراقيين «بالفضل الاميركي» والقول: «نحن ما زلنا هنا ».

هذه الزيارة جاءت عشية ذكرى سقوط بغداد ، بعد مرور 13 عاما على غزو العراق واحتلاله ، حيث كانت الخطوة الاميركية الاولى في المشوار الطويل الهادف الى تدمير العراق وتخريبه اولا ، وبالتالي نشر الفوضى والعنف والتخريب وانهاك الجيوش وتفكيك اكثر من دولة عربية ، بهدف تقسيم البلادعلى قاعدة عرقية وطائفية وقبلية ، لتسهيل اعادة تشكيل الشرق الاوسط الجديد.

وما اثار الدهشة والاستغراب ان جون كيري اعلن بلغة الواثق أن « ايام تنظيم «داعش» في سوريا والعراق اصبحت معدودة »، رغم انه يعلم علم اليقين أن الدور الاميركي–الاوروبي في الحرب على «داعش» ، ومن تبعه من التنظيمات والحركات الارهابية ، هو مجرد دور محدود متواضع خجول ، لا يمنحه حق الحديث عن نهاية «داعش» ، في محاولة التفافية بهدف اختطاف انتصارات الغير.

وعندما تحدث كيري عن هزيمة «داعش» في سوريا والعراق معا ، فقد جانبه الصواب ، لأن القضيتين مختلفتين من حيث الاسباب والتفاصيل والنتائج. ففي سوريا صارت هزيمة داعش حتمية ، من حيث الحسم العسكري القريب ، أو من خلال الحل السياسي الممكن. أما بالنسبة للحرب في العراق فهي قضية اخرى اكثر صعوبة وتعقيدا ، وتحتاج الى مسارات مختلفة.

الحديث عن الازمة في بلاد الرافدين ياتي بمناسبة مرور ذكرى احتلال العراق. منذ ظهور اول دبابة أميركية الى ساحة الفردوس في بغداد ، قبل 13عاما حتى اليوم ، لم يهنا العراقيون بلحظة راحة واستقرار ، بل على العكس فقد غرق العراقيون في حرب مستمرة متصلة ، حتى بعد انسحاب قوات الاحتلال ، وقبل ظهور «داعش» والسيطرة على الموصل والانبار.

والثابت أن النظام الجديد في العراق القائم على المحاصصة ليس لديه القناعة ولا القدرة على اقامة الدولة المدنية الجامعة في العراق ، لأنه يعيش حتى اليوم ، على دقات ساعة بريمر ودستوره التقسيمي ، بل على العكس اصبحت المليشيات اقوى من الجيش ، كما صارت الاحزاب الدينية اقوى من الدولة ، في غياب العدالة والمواطنة والمصالحة. ولا اعتقد أن العراقيين سيخرجون من هذه الحفرة في المستقبل القريب بسبب الاجندات الخارجية واستمرار تدخل دول اقليمية ودولية في الشأن العراقي ، وفرض الوصاية على مستقبل العراق والغاء حق الشعب العراقي بتقرير المصير.

هذا الواقع يجعل من المستحيل وضع خطة انقاذ للعراق ، أو اعادة العراق الى العراق ، حتى بعد الانتصار على «داعش» ، لأن بعض العراقيين ، ما زال يرفض المصالحة والعيش المشترك بين كافة مكونات المجتمع العراقي ، خصوصا من الذين قفزوا على السلطة واستفادوا من الفوضى وضعف الدولة. هؤلاء ما زالوا اسرى شهوة الانتقام ، رغم مرور 13 عاما على احتلال العراق وتغيير النظام. واذا كان الحسم والحل في سوريا اصبح على الابواب ، أخشى أن الحرب في العراق ستكون مستمرة وطويلة ، لتكون حرب المئة عام ، حتى بعد هزيمة «داعش» ، لأن واقع الحال في العراق لم ولن يتغير بسبب العالقين في الماضي ، وهو الواقع الذي سيخلق دواعش اكثر ، حيث سنرى ولادة تنظيمات متعصبة اخرى ، وحركات متعصبة بديلة ، تتناسخ في تربة خصبة حاضنة.

(الرأي 2016-04-11)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات