الشخصيات العابرة للفوارق: عبد الفتاح مورو مثالا

تم نشره الأربعاء 13 نيسان / أبريل 2016 12:50 صباحاً
الشخصيات العابرة للفوارق: عبد الفتاح مورو مثالا
د. ديمة طارق طهبوب

في محاضرته في مؤسسة عبد الحميد شومان، تصدرت الشخصيات اليسارية والنسوية المقاعد الأولى، وهذه بادرة إقبال جيدة على فكر الشيخ التصالحي والشوري نرجو ان تكون أكثر عمقا في مواقفهم الحياتية فبعض العلمانيين واليساريين أكثر تطرفا من «داعش» في تشويههم ومحاربتهم الاسلام!

جميل هذا الشيخ بكل معاني الجمال الانساني، فبعد ان قضى نصف عمره بين السجن والإقامة الجبرية خرج منها حليم الطبع سمح النفس واسع الأفق، وكأنه ما مر بتعذيب وعقوق وتشويه في وطنه! خرج متصالحا مع ابتلائه واختباره مستوعبا لدروسه، راغبا في طي صفحة الماضي الأسود، والكتابة في صفحة بيضاء، فما بال بعض الشباب يطالبون بالثأر من أوطانهم وشعوبهم، وينعتونهم بأبشع اوصاف الكفر والضلال والشيطنة؟ ألم يقاسي المصطفى الأمرين سابقا من قريش، فلما تمكن منهم قال لهم «.. أنتم الطلقاء»، فسن سياسة الكبار في التعالي فوق الجروح والثارات الشخصية.

تحدث الشيخ عن تطبيق الشريعة ومطالبة الاسلاميين بذلك عند وصولهم للحكم، وأتفق معه ان تطبيق الشريعة يسبقه ما يسميه الدكتور أحمد خيري العمري في كتابه «سيرة خليفة قادم» التمكين للشريعة أي تقوية الخيار الاسلامي، وبناء مؤسساته وإشاعة فوائده بين الناس وتيسير تطبيقه عليهم، بعيدا عن الفرض بسلطة القانون وإلا لاستنسخنا أحكاما جبرية أخرى ولكن باسم الاسلام هذه المرة قد يطبقها الناس بأبدانهم في الظاهر وترفضها قلوبهم وعقولهم باطنا!

انتقد الشيخ كذلك ارتهان العرب بالمحابس السياسية والاقتصادية، والأهم من ذلك الثقافة الغربية ففقي الوقت الذي يدرس العرب أبناءهم علوم الخدمة من طب وهندسة وصيدلة يركز الغرب على العلوم الانسانية المنتجة للمعرفة من فلسفة وآداب وعلم اجتماع وتاريخ التي تصوغ عقل الانسان وتوجهاته.

وأضاف الشيخ أن القرآن ليس كتابا للعبادة الشعائرية، وانما كتاب لرياضة العقول يعلم المسلمين التجديد وفهم النصوص بأدوات العصر.

ونصح الحركات الاسلامية في انتاج شعارات عملية، والابتعاد عن الشعارات العامة الخطابية كشعار «الاسلام هو الحل»، واستبشر بأن المستقبل للاسلام، وأن له فرصة في العودة الحضارية بشرط ان يعمل له ابناؤه، ولا يركنوا للتمني، وانتظار القدر!

من نافلة القول أن الشيخ مورو ينتمي للمدرسة المغاربية، وهي مدرسة مقاصدية في التشريع تختلف عن المدرسة الشامية التأصيلية، والخير ربما في الجمع بينهما دون تعارض

من أجمل المشاهد في المحاضرة كان اقبال الشباب الذين ملأوا المكان الذي ما اظنه شهد مثل هذا العدد الا في حالات قليلة، وهو استفتاء ليس على مكانة مورو فقط، وإنما على التأثر بالخط الفكري الذي يمثله، وما أحوجنا الى هكذا مفكرين مستنرين لم تلوثهم الدنيا، ولم يدخلوا في عباءة السلطان، او يسكتوا عن ظلم وكفر بواح، فأولئك يسمع لهم، ويعمل بمشورتهم، ويبقى هامش انساني للاجتهاد يخطئ ويصيب.

(السبيل 2016-04-13)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات