انتخابات 2016 ومؤشرات التنمية
يمنحنا (يفترض) مؤشر الازدهار الأردني الذي أعده منتدى الاستراتيجيات الأردني إضافة بالطبع إلى تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية دليلا عمليا واضحا لمحتوى الانتخابات والمراجعة والتقييم والتوجهات والأفكار الممكنة، ولا بأس بتكرار القول بضرورة استبعاد المحتوى غير المتصل بالانتخابات حتى لا يكون الوهم دليل الناخبين والمرشحين ومن ثم صياغة توجهات السلطة التنفيذية والتشريعية المفترض أن تحددها الانتخابات، فالمرشحون الذين يقدمون أنفسهم على اعتبارات الأفكار والمطالب والايديولوحيات والروابط المنفصلة عن الحياة السياسية والاقتصادية بما هي الازدهار والتقدم وتحسين حياة الناس يدمرون العقد الاجتماعي ولا يقدمون للناس ولا لأيديولوجياتهم ومنطلقاتهم سوى شعوذة أنيقة.
يحدد مؤشر الازدهار الأردني ثلاثة محاور: 1 - الدخل (الاقتصاد الكلي والاستثمار والتجارة واللامساواة) 2 - البيئة المعيشية (البيئة والطاقة والمواصلات والبنية التحتية والمياه والحوكمة في القطاعين العام والخاص والديمقراطية والأمان) 3 - تطوير رأس المال البشري (سوق العمل والتعليم والإبداع والرعاية الصحية والنوع الاجتماعي والرفاه)
وبالنظر إلى 2007 أساسا للقياس فإن مؤشر الازدهار لم يتقدم في محصلته حتى نهاية 2014، وبالطبع فإن عدم التقدم يساوي التراجع أو الركود، وفي المحاور الرئيسية للمؤشر فقد تحسنت البيئة المعيشية بنسبة 4 في المائة، وتراجع الدخل بنسبة 6 في المائة، ولم يحدث تقدم في رأس المال البشري.
يضع تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية (2015) ارتفاع أسعار المواد الغذائية تحديا رئيسيا أمام برامج التنمية لأن ذلك يهدد مستوى المعيشة ويزيد أعباء الانفاق على الأسر والأفراد، ولكن هناك تحديات أخرى رئيسية يقترحها التقرير وتصلح أن تكون محتوى أساسيا للجدل الانتخابي في الأردن، مثل الزراعة الكثيفة الاستهلاك للمياه والأسمدة، والانتهاكات في سوق العمل، مثل عمالة الاطفال والاتجار بالبشر والاساءة للعاملين والتمييز وانخفاض الأجور وغياب الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي واجراءات السلامة في العمل، وغياب الأمان الوظيفي.
وفي المقابل فإن ثمة فرصا ايجابية يمكن أن تطور في المستوى المعيشي وفي حياة الناس مثل التوسع في استخدام الطاقة الشمسية وتطوير تقنيا تها وتقليل كلفتها، والتطور التكنولوجي في تحلية مياه البحر الذي يطور الموارد المائية بكلفة معقولة، وتوسعة رقعة الغابات، وتطوير وتفعيل تدوير النفايات الصلبة والسائلة وإعادة استخدامها في الزراعة والصناعة.
هناك الكثير مما يجب أن يشغلنا في الانتخابات، وربما يكون أكثر أهمية من النظر والاستدلال بتقرير التنمية البشرية ومؤشر الازدهار ان يفكر المواطنون فرديا وجماعيا وباعتبارهم قطاعات اجتماعية واقتصادية ومدنا ومجتمعات في أولوياتهم واحتياجاتهم وفي إنشاء صوت واتجاهات مستمدة من رؤيتهم لاحتياجاتهم، وأظن أن الرعاية الاجتماعية الشاملة صارت أولوية ملحة، ولم تعد الأسر والمجتمعات قادرة على الوفاء بها من غير مؤسسات اجتماعية متطورة وفاعلة وشاملة.
(الغد 2016-04-13)