انتخابات لمجلس الشعب في سوريا.. أي شعب؟

تم نشره الأحد 17 نيسان / أبريل 2016 12:57 صباحاً
انتخابات لمجلس الشعب في سوريا.. أي شعب؟
ياسر الزعاترة

لا بد أن العالم أجمع قد حسد شعب سوريا على الانتخابات النزيهة والشفافة التي جرت يوم الأربعاء الماضي في طول البلاد وعرضها لاختيار مجلس شعب جديد!! لا بد أن الأوروبيين قد شعروا بالكثير من الغيرة لأنهم لا يحصلون على فرصة ديمقراطية كالتي تكرَّم بها بشار على الشعب، وسيتمنون لو أن الله قد منَّ عليهم برئيس عظيم مثله يأتي من صلب رئيس عظيم سابق، بعد أن جرى تغيير الدستور لينطبق على مقاسه في غضون خمس دقائق بعد أن عقمت أرحاما لسوريا تعن إنجاب بطل بقامته العالية!! رأينا صناديق اقتراع وأحزاب معارضة (نعم معارضة) تشارك في الانتخابات إلى جانب الحزب الحاكم الذي وضع قادته أيديهم على قلوبهم خشية تنكر الشارع لإنجازاتهم والتصويت للمعارضين، ربما من باب الضجر لا أكثر، مع أن أحدا لا يثق بتلك الأحزاب التي لا تملك برامج عظيمة كتلك التي يملكها الحزب الحاكم الذي ينجب مبدعين من أمثال رامي مخلوف يتمكنون في غضون سنوات قليلة من مراكمة المليارات بعصاميتهم وإبداعهم الذاتي، فضلا عن ماهر الأسد وسهيل النمر وعلي مملوك!! تحدثنا بهذه الروحية الساخرة لأن السخرية وحدها هي ما يصلح لمتابعة ذلك المشهد العبثي الذي جرى أمام أعين العالم، بينما كان دي ميستورا يتحدث في دمشق قبل يومين عن الانتقال السياسي، وبينما يعيش 10 ملايين سوري مهجّرين، وبينما لا يسيطر النظام سوى على ثلث التراب السوري. يبدو أن بشار لا يفهم من الانتقال السياسي إلا تغييرا محدودا على الحكومة، يجري من خلاله إدخال بعض المعارضين فيها (طبعا من غير الإرهابيين، وكل من حمل السلاح هو إرهابي في عرفه)، ما يعني أن التغيير سيكون من نصيب هيثم مناع وجماعته، وقد يجري التكرم على آخرين من باب إرضاء المجتمع الدولي!! هكذا يبدو الأمر كما لو كان خلافا على أسعار الخبز، أو خلافا على البرنامج الاقتصادي لحكومة وائل الحلقي، وليست معركة مع نظام أمني طائفي دمّر البلاد وقتل وهجّر الملايين من أهلها، فيما كان قبل ذلك يكرّس نظاما أمنيا طائفيا فاسدا طوال عقود. هو يدرك أن الانتخابات التي يجريها بلا قيمة، ولن تغير في الواقع شيئا، وهي انتخابات لم يدافع عنها سو محافظي إيران وأدواتهم ممن يعتبرون البلد ولاية إيرانية (دافع الروس على استحياء)!! إنه الجنون والعبث الذي صنعه الطاغية، بمساعدة خامنئي الذي ذهب بعض صحفيي مطبوعاته إلى دمشق ليغطوا الحدث الكبير، وليعطونا صورة عن الدعاية الانتخابية، وعن أعداد المرشحين والمرشحات، ثم عن الإقبال الضخم على صناديق الاقتراع كما قالت وكالة إيرانية (60% حسب قولهم)!! سيدرك الطاغية، ومن ورائه المجرمون في طهران أن هذا العبث لن يغير في الواقع شيئا، وأن سوريا بعد كل هذا الموت والدماء والدمار لن تعود إلى الحكم الدموي الطائفي القديم، ولو استمرت الحرب 10 أعوام أخرى. أما المجلس المنتخب، فهو يمثل شعب بشار (شعبه يشمل مرتزقة سليماني. ألم يقل إن سوريا لمن يدافعون عنها؟!)، وهو مجلس لن يختلف أبدا، بل هو أسوأ بكثير من ذلك الذي جلبت أجهزة الأمن أعضاءه قبل 16 عاما لكي يغير الدستور في 5 دقائق من أجل أن ينطبق على طبيب العيون الذي اضطر لأن يغدو رئيسا بعد موت أخيه الذي كان معدا لذلك، وطبعا لأن من غير الممكن ألا ترث العائلة البلد، ومعها بنية أمنية طائفية تعتبره مزرعة لها. هذا هو الظلم والفجور الذي يدافع عنه خامنئي وأدواته، ويفعلون ذلك باسم الله، وتحت راية الحسين الذي خرج ضد الظلم والفساد. ويل لهم مما تقترف ألسنتهم، وويل لهم ما يجرمون.

(الدستور 2016-04-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات