من المستفيد مما يجري؟!؟!
عندما أطلع على الأوراق النقاشية للملك رعاه الله وسدد رؤياه، والتي تؤطر للمشروع الأردني السياسي المستقبلي؛ أجد نفسي أمام وثائق لا تقل في عمقها وطروحاتها، عالية السقف وتوجهها نحو تمكين الشعوب، عن أعظم الوثائق المعروفة تاريخيا في العالم كوثيقة الاستقلال الأمريكية والماغنا كارتا البريطانية، وهذه الرؤى السياسية هي ما يعطي الأردن وجهه المشرق في الخارج ويؤهله ليلعب دورا رئيسا في الإقليم بأسره، وبالرغم من أن بعض تقارير منظمات حقوق الانسان الدولية والمحلية تشير الى انتهاكات هنا وهناك الا أن الأردن لم يبد أبدا كدولة استبدادية خانقة للحريات، تحكمها القوات الأمنية بدل القانون والمؤسسات، وبالرغم من أن التوجه الملكي المعلن يحرص على تعميق الرؤى الديمقراطية، وتقديم الأردن للعالم بهذه الصورة، ويبدي حرصا على خطورة الموقف ودقة المرحلة، وضرورة الخروج منها بأقل الخسائر، ولكن يبدو أن المطابخ الاخرى للقرار السياسي لا تشاطره الرؤيا، ولا التوجه وهذا يعيد الى الذاكرة تصريح رئيس الوزراء الاسبق عون الخصاونة بتعدد الحكومات في البلد، وتضاربها وسيطرة الأمني على السياسي!
الغريب ان هذه الجهات تسعى الى تأزيم الداخل وتوتير الساحة المحلية، وما الخطوة الاخيرة لاقتحام الأمن للمقر الرئيسي لجبهة العمل الاسلامي في منطقة العبدلي، وهو الحزب المرخص من الدولة ووزارة التنمية السياسية الا شاهد فاضح على ذلك!
وفي الوقت الذي قد يبرر البعض للحكومة والاجهزة الامنية ما فعلته بمقرات الاخوان في انحاء البلاد، مع أن الأمر ما زال مطروحا على القضاء ليأخذ القرار النهائي في مشروعيته، الا ان استهدافها غير المبرر وغير القانوني لحزب أردني مرخص يفوق أي تأويلات وتخريجات وفتاوى!!
كنا نأمل أن الحكومة قرأت بعض الإشارات الايجابية غير المباشرة في النقاشات الدائرة في الحركة الاسلامية وحزبها من الانتخابات القادمة؛ مما يزيد في الحيرة عن سبب هذه الاجراءات التعسفية، وكأنها تتقصد عن سابق إرصاد وترصد لإقصائهم وشيطنتهم امام المجتمع وابعادهم تماما عن الساحة الأردنية لفتح المجال لآخرين تصطنعهم!!
السؤال الملح والمحير هو من المستفيد من هذه الاجراءات وما المقصود منها؟ هل يظنون أنهم يلوون ذراع الحركة الاسلامية بهذا التصعيد لفرض موقفهم عليها؟ هل في تاريخ او حاضر الحركة الاسلامية بما فيها حزبها السياسي ولو مثقال ذرة من دليل تبدي انحيازه لغير الوطن ومصالحه العليا؟ الا تعتبر المعارضة فعلا وموقفا سياسيا مشروعا كالمشاركة تماما في كل الدول التي تحترم وتمارس الديمقراطية؟
من المستفيد من حصر الحركة الاسلامية وإدخالها في الحيط؟! هل يظنون ان البلد ستصبح أحسن حالا لو اعتزلوا السياسة مثلا؟ هل تصاعد الفساد في سنوات مقاطعتهم للمشهد السياسي تدل على ذلك؟
كانت عبارة جميلة وموحية لأحد المعارضين عندما ذهب ليخاطب قادة العالم وقال لهم «لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي»، بمعنى لا تغلقوا الأبواب ولا تدفعوا الناس الى حالات الاضطرار؛ لأن هذا المنطق غير وارد في حسابات الحركة الاسلامية؛ فهي لهذا البلد ومنه واليه ولن تكون في يوم عليه، وهي تسعى لتقديم صورة للاسلام السمح والعدالة والمصداقية لتكون بديلا لكل من ارهقتهم المادية والعلمانية او التشدد والضلال.
يقولون ان الاقتحام كان خطأ، وبعض الاخطاء مقصودة!! وهل يقبل خطأ من صاحب سلطة وقوة ورأي؟؟ وهل سيذهب الخطأ دون مساءلة؟
(السبيل 2016-04-18)