قطاعنا العام: الأكبر في العالم !

تم نشره الثلاثاء 19 نيسان / أبريل 2016 12:41 صباحاً
قطاعنا العام: الأكبر في العالم !
حسن احمد الشوبكي

القناعة الراسخة لدى كثير من رجال الأعمال في الأردن أن التوسع في حجم الاقتصاد لن يؤتي أكله ما دام الاقتصاد بمجمله في خدمة قطاع عام متورم، وفي هذه القناعة معنى ووزن، إذ إن القطاع الخاص بكل إيراداته وضرائبه لا يقوى على حمل القطاع العام وأعبائه التي تزيد شهرا بعد شهر.

ملامح النظام الاردني، في المستوى الاقتصادي، ليست اشتراكية، لكن واقع الحال يشير الى ما هو ابعد من دولة اشتراكية، اذ ان القطاع العام يشكل نحو 46 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة الاكبر على مستوى العالم، ففي دول تعتمد النموذج الاشتراكي في سيطرة الدولة على موارد الانتاج لا تصل نسبة القطاع العام فيها الى الناتج المحلي اكثر من 36 %، فيما نسبة القطاع العام تقل عن 15 % في دول غربية ومتقدمة عديدة.

لم تغب هذه النسب الكبيرة عن تقرير صندوق النقد العربي الذي يستند الى بيانات من البنك الدولي؛ حيث سجل القطاع العام الاردني أعلى حجم توظيف، مقارنة مع حجم التوظيف للقطاع العام في 17 دولة، ومقارنة مع دول عربية وآسيوية وحتى افريقية، سجلت عمّان نسبا مرتفعة للتوظيف في القطاع العام بلغت 40 %، وهي ضعف ما عليه الحال في دول عربية كثيرة.

من اللافت ان رئيس الوزراء عبدالله النسور يقر أمام مسؤولين كبار في الادارة الحكومية الذكية في سنغافورة ودول اسيوية اخرى ان القطاع العام في الاردن كبير جدا وهو الاكبر في العالم، في الوقت الذي يعلم فيه هؤلاء المسؤولون ان اساس البناء الاقتصادي القوي في اي دولة يكمن في حفز قطاع خاص كبير ويعمل تحت خدمته قطاع عام صغير وكفؤ، والدلالة سلبية بالنسبة للنماذج الاسيوية الناجحة عندما يعلمون أن الرواتب تستحوذ على ثلثي موازنة الدولة كما في بلادنا!

ان كانت الحكومة تشغل ربع مليون موظف، وكامل ايرادات الدولة من الضرائب والرسوم لا تغطي سوى 82 % من الرواتب والرواتب التقاعدية، فإن هذا يعني بالضرورة ان الازمة مفتوحة وان عناوينها ستكون مزيدا من التورم في القطاع العام ومزيدا من المديونيات الداخلية والخارجية، إضافة الى نقص الكفاءة ونوعية الخدمة المقدمة، فالحكومات عموما أسوأ المستثمرين إنْ دخلت في جوهر الاقتصاد، وموظفوها هم الاقل كفاءة مقارنة بموظفي القطاع الخاص، وهذا ناجم عن الترهل والبطالة المقنعة ومحاولات ايجاد المزيد من الكراسي للمزيد من غير الراغبين في العمل، وهو ما كشفته دراسات محلية بأن معدل انتاجية الموظف الأردني تقل عن ساعة، والحالة هذه، لماذا تصر الدولة على التوسع في القطاع العام رغم ما يعنيه ذلك من عيوب وتشوهات؟!.

ومع وجود بطالة مقنعة بالآلاف، ومعدل انتاجية اقل من ساعة، وحكومة سعيدة بتعيين المزيد، وقطاع خاص يشقى ويكدّ بعيدا عن الشراكة المفترضة مع القطاع العام لكي يؤمن للخزينة بعضا من حاجاتها التوسعية في التوظيف والتعيين، فإن مشهد الاقتصاد سيستمر على ضعفه ولن يقوى القطاع الخاص مهما فعل على مجاراة متطلبات القطاع العام، وسيبقى الاقتصاد رهينة لهذه التشوهات التي يتعامل معها الجميع منذ عقود باعتبارها أمرا لا مفر منه، رغم ان احداث النهضة الاقتصادية والانتقال الى مربعات الابداع والذكاء الاقتصادي يتطلب تغييرا حقيقيا لمشهد الحالة الراهنة بكل ما فيها من سلبيات.

توقف كثيرون عند فساد التعيينات التي مررتها الحكومة لمجلس النواب ومحسوبياته، ولكن أحدا لم يسأل: لماذا تعيين هذا العدد (109)، بينما نرى في البرلمانات الاوروبية المتقدمة- التي تفيض ديمقراطية وتجربة سياسية ثرية- أن عدد الموظفين فيها قليل وقليل جدا، وربما يقل عن ربع المعينين ضمن قائمة الـ 109؟!.

(الغد 2016-04-19)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات