أدوار جديدة لنصر الله بالنيابة عن “الولي الفقيه”
بعد اعترافه بأدوار عسكرية في العراق، وما انكشف عن دور في اليمن، فضلا عن التورط الدامي في سوريا الذي كلفه ما يقرب من 2000 قتيل، وأضعاف الرقم من الجرحى والمعوقين، ها إن نصر الله يضطلع بأدوار جديدة في خدمة “الولي الفقي”، و”ولي أمر المسلمين” برأيه، أي خامنئي. في خطابات كثيرة يحتفظ بها “يوتيوب” لا يخجل نصر الله من تبعيته للولي الفقيه، وولي أمر المسلمين في طهران، وإن عطف على ذلك بالقول إنه (أي خامنئي) لم يفرض عليه شيئا في لبنان، الأمر الذي لا يبدو صحيحا بطبيعة الحال، لكن الوضع يبدو مختلفا فيما يتصل بالأدوار الأخرى، إن كانت عسكرية أم سياسية. اليوم، وفيما يدخل مشروع الولي الفقيه الطائفي في مأزق كبير في مختلف محاوره، بعدما أصابه الغرور وصار يتحدث عن السيطرة على أربع عواصم عربية، يضطر “ولي الأمر” إلى تكليف تابعه ببعض المهام الضرورية لإنقاذ الوضع، فيذهب إلى سوريا والعراق واليمن، ولا يُستبعد أنه هو من يدير خلايا نائمة هنا وهناك بانتظار الأوامر(كانت تلك مهمة عماد مغنية، ولا يعرف من ورثه بعد اغتياله). ما ذكّرنا بذلك كله يتمثل في المهمة الجديدة التي تم تكليف نصر الله بها من قبل الولي الفقيه، ممثلة في استخدام نفوذه المعنوي عند مقتدى الصدر من أجل إنقاذ الوضع الشيعي في العراق،والذي يعيش مأزقا كبيرا بسبب خلافات محاوره. ولأن مقتدى الصدر لا زال يغرد خارج السرب الإيراني، ولأنه يستهدف دائما بهجومه؛ حبيب طهران، ورجلها المفضل (المالكي)، ولأنه يفضح حقيقة فساد الطبقة السياسية الشيعية التي رعتها إيران منذ الاحتلال،وقبل ذلك، فقد طُلب إلى نصر الله أن يدعوه إلى بيروت لكي يقنعه بأن ينسجم مع معركة “الشيعة الكبرى” في المنطقة، مستنفرا فيه الأحاسيس المذهبية. حدث ذلك، لأن سليماني الذي يشرف على الملفات الخارجية للولي الفقيه ليس على وئام مع الصدر، ولطالما اتهمه الأخير بأنه الحاكم الفعلي للعراق أيام المالكي، وحمله مسؤولية تصرفات الأخير. جاء المالكي إلى بيروت أيضا، ويبدو أن نصر الله قد استدعاه لأجل المصالحة التي لم تتم كما يبدو، بدليل هجوم الصدر التالي على المالكي، لكن نتائج أخرى قد تظهر لاحقا. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل التقى في الأثناء مع الوكيل الشرعي العام للسيستاني (جواد الشهرستاني). ما يعنينا في هذه القصة أن ما يفعله نصر الله في كل المحاور المذكورة إنما يتناقض مع الشعارات التي رفعها طوال عقود، فهنا يسفر عن وجهه الطائفي الذي يقدم المشروع المذهبي على أي شيء آخر، ولو داس حتى على القيم التي يقوم عليها المذهب نفسه. فهو في سوريا لا يدعم طاغية وحسب، بل يدعم لصا فضحته وثائق بنما، لمن كان يشك في ذلك. وفي العراق، لا يدعم دكتاتورا مثل المالكي جاء على ظهر دبابة الأمريكان (صار للمفارقة ممانعا!!)، بل هو لص فاسد أيضا، ولا تسأل عن دعم أقلية اعتدت على ثورة شعب بالتعاون مع لص فاسد في اليمن بعد ذلك. كل ذلك، يتم وسط صخب الهتاف لأبي عبد الله الحسين الذي كان ضمير الأمة في مواجهة الظلم والفساد، فأي سقوط أكبر من هذا السقوط، وأي سقوط أكبر من أن يواصل بعض المحسوبين على العالم السنّي الدفاع عنه؛ مع العلم أنهم مجرد أقلية محدودة، بينما عرفت الغالبية الساحقة الحقيقة واتخذت موقفها تبعا لذلك؟!
(الدستور 2016-04-19)