ليبيا في قلب أوروبا

تم نشره الخميس 21st نيسان / أبريل 2016 12:54 صباحاً
ليبيا في قلب أوروبا
مفتاح شعيب

تؤكد الزيارات المتوالية للمسؤولين الأوروبيين رفيعي المستوى إلى طرابلس وإعادة فتح السفارات فيها أن الخطة الأممية تقطع مراحلها من دون منغصات، على الرغم من تعثر منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني من مجلس النواب في طبرق، وهي خطوة آتية لا محالة مهما تضاربت الحسابات والمصالح في المنطقة الشرقية.
الدول الأوروبية أصبحت مقتنعة بأن أمنها الشامل سيظل مهدداً طالما ظلت ليبيا غير مستقرة وتفتقد إلى حكومة قوية تتمتع بثقة المجتمع الدولي. وظهرت هذه القناعة بوضوح في زيارة وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتلوني الذي كان أول الواصلين وسبق نظيريه الفرنسي جون مارك إيغولوت والألماني فرانك فالتر شتاينماير، وأخيراً وصل البريطاني فيليب هاموند، وتتضمن الرسالة الأوروبية المشتركة التي تسلمتها حكومة فايز السراج دعماً غير محدودٍ لخطط الحكومة في استلام السلطة ومساعدتها في استعادة الأمن ومكافحة الإرهاب وتقديم خدمات عامة ينتفع بها جميع الليبيين.
المثير للانتباه أن أياً من وزراء خارجية دول الجوار الليبي لم يبادر بزيارة طرابلس والاطلاع على سير الأمور فيها، ولو من باب الحركة الدبلوماسية وتسجيل الحضور، وقد يطرح هذا الغياب تساؤلات كثيرة، وكأن ليبيا أصبحت دولة في قلب أوروبا تهم أزماتها إيطاليا وفرنسا وألمانيا أكثر من جوارها العربي والإفريقي. وربما هي أصبحت كذلك من خلال هذا الاهتمام الأوروبي المفرط بضرورة تطبيع الأوضاع هناك والتسريع بمباشرة ملاحقة الفوضى والجماعات الإرهابية وتأمين حقول النفط وإمداداته وتوقف قوارب الهجرة العابرة للبحر المتوسط.
الثابت أن المصالح وحدها والخشية هي التي تدفع وزراء الخارجية الأوروبيين إلى زيارة طرابلس وسط إجراءات أمنية مشددة. ومن أهم الأهداف التي ترمي هذه الزيارات إلى تحقيقها هي مكافحة الإرهاب ووقف سيل الهجرة غير الشرعية. وفي الواقع لم تتبلور هذه الأهداف إلا بعد أن بلغت الأخطار مستوى لا يمكن تجاهله. وتوحي التصريحات التي أدلي بها الوزراء الغربيون في طرابلس بأن قرارهم بدعم حكومة السراج لا رجعة فيه ومستعدون في سبيل ذلك لأسوأ السيناريوهات بما فيها التدخل العسكري المباشر.
مصدر غربي عزا التصميم الغربي على دعم الاستقرار في ليبيا ومكافحة الإرهاب فيها وجميع أشكال الفوضى إلى الرغبة الحازمة في الانتقام من ضحايا الاعتداءات الإرهابية التي ضربت باريس في مناسبتين وبروكسل وأدت إلى دخول أوروبا بكاملها في حقبة جديدة من القلق والهواجس، كما يأتي التصميم الغربي في ليبيا للقصاص لضحايا الهجومين الإرهابيين في مدينتي سوسة وباردو التونسيتين وأسفرا عن مقتل أكثر من 60 غربياً نصفهم بريطانيون، وقد أثبتت التحقيقات أن هذه الهجمات لها صلة بالجماعات المتشددة في ليبيا.
لقد أصبحت ليبيا في قلب الاهتمام الأوروبي، وعلى الأغلب أن هذا الدعم سيحقق أهدافه من تثبيت لحكومة السراج ومواجهة شاملة للإرهاب وإحداث تغيير في الوضعين الاجتماعي والاقتصادي، أما الحفاظ على تلك الأهداف فليس بيد أوروبا، وإنما بأيدي الليبيين إذا نجحوا في حل الخلافات القائمة والتوافق على مشروع وطني جامع والانخراط جميعاً في مكافحة مخلفات المرحلة الماضية، وهي مخلفات لا يمكن الاستهانة بها، رغم أن أغلبها حدث بعيداً عن الرقابة وعن عدسات وسائل الإعلام. 

(المصدر: الخليج 2016-04-21)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات