الصندوق لا يطلب المستحيل
نشرت (الرأي) قبل يومين على لسان وزير المالية العائد من واشنطن أن صندوق النقد الدولي يطلب من الأردن تخفيض إجمالي الدين العام من 93% إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي في غضون ستة أشهر ، أي مع نهاية العام الجاري كشرط للبدء في البرنامج الجديد.
يبدو أن الامر التبس على الزميل الصحفي الذي نقل تصريح الوزير، فالمقصود هو تخفيض نسبة المديونية بهذا الشكل خلال ست سنوات أي حتى نهاية 2021 وليس خلال ستة أشهر.
تخفيض المديونية بمقدار 14 نقطة مئوية خلال ستة أشهر أمر مستحيل من ناحية الواقع. ومن غير المعقول أن يضع الصندوق على الأردن مثل هذا الشرط غير القابل للتطبيق.
لو كان الصندوق يطلب تخفيضاً كاسحاً كهذا خلال ستة أشهر ، فمعنى ذلك أنه لا يريد أن يدخل مع الأردن في برنامج إصلاح اقتصادي جديد وهذا كما نعرف ليس صحيحاً.
توقعات الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية المستقلة لسنة 2016 تشير إلى تحقيق عجز كبير لا يمكن تغطيته إلا بالاقتراض المحلي أو الخارجي ، فكيف تستطيع الحكومة أن تخفض هذا العجز الكبير وتحقق فائضاً أكبر منه لاستعماله في تخفيض المديونية بالقدر المطلوب خلال ستة أشهر.
كنا نعقتد أننا نزايد على الصندوق عندما نطالب بأن لا ترتفع المديونية بنسبة تزيد عن نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ، أي للإبقاء على نسبة المديونية الراهنة والحيلولة دون ارتفاعها كما كان يحدث في السنوات السابقة. أما أن لا يرتفع الدين العام بأي نسبة وأن ينخفض بهذا المقدار فإنه معجزة يمكن تصنيفها في باب رابع المستحيلات.
كان وزير التخطيط يتحدث في الأسبوع الماضي عن قروض (ميسرة) جديدة وكفالات قادمة بالمليارات ، فكيف يمكن التوفيق بين خطة الحكومة للتوسع في الاقتراض مما قد يرفع المديونية خمس نقاط مئوية ، وبين طلب الصندوق المزعوم تخفيضها بمقدار خمس عشرة نقطة مئوية خلال ستة أشهر.
في هذه الحالة تكون الحكومة مطالبة بالبحث عن كنز ، يعفيها من اقتراض مليارين من الدنانير ويمكنها أيضاً من تخفيض مديونيتها بمقدار 6ر3 مليار دينار!
المصدر: الرأي 26/4/2016