خُرافة الشيخ زُبير
فيما يحتفل الانجليز ومعهم العالم بمرور اربعة قرون ونصف على مولد شكسبير نتذكر ما اجتهد به بعض العرب ممن قالوا ان شكسبير اصله عربي واسمه هو الشيخ زبير، كان ذلك التنطع بديلا لقراءة تراجيديات شكسبير والتعلم من كوميديا الاخطاء، فالفرنسيون والالمان والامريكيون واليابانيون لم يشغلوا انفسهم باصل هذا الرجل ومسقط رأسه وشهادة ميلاده، لهذا قرأوه على طريقتهم ومن خلال لغاتهم وثقافاتهم واضافوا الكثير الى ما كتب عنه خلال قرون . ومن حاولوا تعريب شكسبير بالقوة لم يقيموا وزنا لأي مبدع في اوطانهم، لهذا لو سمعهم شكسبير في قبره يدّعون نسبه اليهم لحمد الله كثير انه ليس منهم لأنه لو كان منهم لعانى من الاهمال والتناسي وربما حرق الكتب، لأن لدينا رموزا في الثقافة عاشوا غرباء في عقر اوطانهم وماتوا اكثر غربة، ومنهم من قتل او احرق او نفي وتحولت مخطوطاته الى رماد .. ومن لم يصدق عليه ان يبحث عن السهروردي والحلاج وابن المقفع والكواكبي وسائر السلالة الخالدة ! ولكي يصدق العالم ادعاءاتنا ونحن ننسب العباقرة الى صحرائنا علينا ان نقدم لهم ولو مثالا واحدا عن تقديرنا لحرية الفكر، وعلينا ان نكفّ عن وصف الفلسفة وهي اعلى ما انجز العقل البشري بأنها ثرثرة، وان نحذف من قاموس امثالنا عبارة فلان ادركته مهنة الادب ! ان من حق البشرية ان تصبح الوريث الشرعي لأي مفكر او فيلسوف او شاعر مبدع اذا نقلته الى لغتها بأمانة واستلهمت افكاره، لكن من يريدون تحويل الفكر الى أيقونات واكسسوارات في مهرجانات لا يستحقون الميراث. ومن لم يأتمنوا على اطلال الحضارات والمخطوطات عليهم ان يلوذوا بالصمت حين يثار السجال حول الاحق بوراثة الماضي لأن من لا خيل لديه يهديها ولا مال عليه ان يصمت او ينطق بما لا يفسد الصّمت !!
الدستور 27/4/2016