رصاص ودم.. في اتجاه غير صحيح
![رصاص ودم.. في اتجاه غير صحيح رصاص ودم.. في اتجاه غير صحيح](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/60e94ac2843f8868c5bf8cad5361f236.jpg)
لم يعد في عهد الرئيس الأميركي متسع للحرب او السلام، بعدما بدأ العد التنازلي لمغادرته البيت الابيض. ولكن عندما وافق الرئيس اوباما على ارسال 250 جنديا الى المنطقة كخبراء ومدربين، او تعزيز قواته في سوريا والعراق، تذكرت الرئيس جون كينيدي عندما ارسل مثل هذا العدد من المستشارين العسكريين سرا الى لاوس وفيتنام الجنوبية في اوائل السيتينات، بحيث كانت خطوة اولية ( جرة رجل ) تورطت بعدها الولايات المتحدة في حرب فيتنام، التي بلغت ذروتها بعد اغتياله في مدينة دالاس بولاية تكساس عام 1963، أي في عهد الرئيس ليندون جونسون.
وكما يقولون كـ «أول الرقص حنجلة»، نخشى أن يأتي بعد اوباما من يتابع هذه الخطوة ، بحيث يتم توريط واشنطن في الحرب الدائرة في سوريا والعراق تدريجيا وعلى مراحل، خصوصا اذا كان خليفة الرئيس اوباما في البيت الابيض متعطشا للدم ، أو لا يؤمن بنظرية عدم ارسال الجيش للمشاركة في حروب برية ، مع ضرورة التذكير بأن سجل الرئاسة الاميركية الحديث يفتقر الى الاسماء التاريخية منذ رحيل ايزنهاور الجمهوري واغتيال جون كنيدي الديمقراطي، بحيث اصبحت كل الخيول متشابهة.
هذه المخاوف سببها التوقعات والشكوك في حدوث تعديل على الاهداف الاستراتيجية الاميركية في عهد الادارة الجديدة، كما حدث ويحدث في الادارات المتعاقبة عادة، او حدوث تغيير في التخالفات، حيث ينقلب الحليف على الحليف، أو لسبب تفرضه المصالح في ظل متغيرات دولية واقليمية متسارعة.
ومن المتوقع أن يكون الانزلاق الاميركي في المنطقة، في حال حدوثه ، تحت شعار الحرب على الارهاب، والقضاء على «داعش» الذي تحول الى تيار كوني. ولكن في الحقيقة أن تنظيم «داعش»، شاغل الدنيا ومرعب الناس، موجود على الارض وله عنوان متوفر لدى الجميع، ومعروف ومعلن في سوريا والعراق، ومواجهته عسكريا لا تحتاج الى هذه الجعجعة الكونية، التي حولت التنظيم الى اسطورة او مجموعة من الاشباح.
الكل يعرف أنه من السهل تجفيف منابع تسليح وتمويل كل التنظيمات الارهابية ، لأن كل الدول الكبيرة والصغيرة تعرف المصادر التي تطعم وتدعم هذه التنظيمات وتمدها باسباب الحياة والبقاء. نعم الكل يعرف ان الهدف الحقيقي هو تفكيك وتقسيم سوريا والعراق، وتفكيك دول عربية اخرى، وليس القضاء على الارهاب ، لذلك لا نرى من هو جاد في القضاء على التنظيمات الارهابية، بل هناك الكثير من الاطراف المستفيدة من ادامة شلال الدم العربي، ان كان باطالة الاشتباك المسلح، أو بافشال الحل السياسي ، واولها اسرائيل، والدول الصانعة للاسلحة.
في البداية كانت حروبنا تشتعل حول معادلة الدم والنفط والمصالح الغربية. اليوم تغيرت المعادلة، فالبنادق تطلق رصاصها في كل الاتجاهات، في حروب اهلية تدور في شوارع العواصم العربية، ليسقط هذا الكم من الضحايا في الموقع الخطأ، وفي أماكن لا تصلح للشهادة. هم لا يريدون أن يلتئم جرح دمشق التي تحلم بصيف قليل السخونة، ولا أن يستقر العراق، ولا أن تتحقق المصالحة في ليبيا، لأنهم يريدون خلق صراع مصطنع مع عدو بديل ، وبالتالي استمرار الحروب الاهلية العربية، وربما اشعال حروب اقليمية، أو خلق حالة من التوتر الاقليمي الدائم ، حتى اقتضى الامر جر الولايات المتحدة الى المنطقة مرة أخرى.
المصدر : الراي 28/4/2016