اذاعة تدافع عن ذائقتنا !
لأنها اذاعة تنتسب الى الجامعة الأم في الاردن وهي الجامعة الاردنية، فقد قررت على ما يبدو السباحة ضد التيار، بحيث تبثّ من الاغاني العربية والموسيقى ما ظن البعض انه اصبح من مقتنيات المتاحف بعد ان اصبح كل ما يطفو على السطح هو الهش وعديم الجذور والاشبه بالفطريات . وقد لاحظت خلال الاعوام الاخيرة ان سائقي سيارات الاجرة خصوصا ممن تجاوزت اعمارهم الأربعين يستمعون اليها على مدار الساعة، وما تبثه من اغنيات بدءا من كوكب الشرق ومرورا بتلك الكوكبة التي قد لا تتكرر في حياتنا هو بمثابة دفاع باسل عن ذائقة يجري انتهاكها وتسمينها بفن هو في حقيقته هذيان واصوات صاخبة يقطر الجهل منها . ولأنني استمع لهذه الاذاعة ولا اعرف احدا من العاملين فيها فانني اشعر بأن هناك لحظات علينا خلالها ان نعلن العصيان على تقاليد الانكار والتجاهل بل التعامي عن اي نشاط ايجابي، فنحن في ادبياتها الاجتماعية التي افرزتها ثقافة الاستعداء والنميمة والكراهية نسمي الرشيق ضعيفا والمتفوق شاطرا رغم ان كلمة شاطر في تراثنا تعني الاحتيال والفهلوة . ان ندرة الاشياء الايجابية في حياتنا وسط هذه الكثافة من الرُّعونة والسطحية تستحق ان لا نشكرها فقط، بل نحرسها ونشد على ايدي القائمين عليها . وحين تصمد اذاعة بين هذا العدد الفلكي من الاذاعات والفضائيات التي تسعى الى تجريف الوعي، وتسفيه كل ما هو رصين، فان ذلك يفرض علينا ان كنّا صادقين مع انفسنا ومنسجمين مع ما نقوله ان لا نتردد في الشكر، خصوصا بعد ان اصبحت عدوى هذه الاذاعة الحميدة تتسرب الى اذاعات اخرى !
(الدستور 2016-05-11)