أولويات التنسيق بين الأردن والسعودية
رأي البعض في الإعلان عن تأسيس مجلس تنسيق بين السعودية والأردن رداً على ما كان يقال عن فتور العلاقات بين البلدين الشقيقين ، ولكنه بالتأكيد أكثر من ذلك بكثير.
كلمة (تنسيق) جاءت بديلاً عن كلمة (تعاون) منعاً للالتباس ، ولكن من الناحية العملية فإن التنسيق يعني التعاون ، كما أن التعاون يتطلب التنسيق. والتعاون مع السعودية هو تعاون مع جميع الدول الست التي تشكل مجلس التعاون الخليجي.
قبل خمس سنوات برزت فكرة انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي ليشكل إضافة نوعية لمجموعة الدول الست ولأن لهذا الانضمام مبررات سياسية وأمنية واقتصادية.
لكن بعض الأطراف الخليجية لم ترغب في ضم الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي فقامت بتمييع المشروع بإضافة المغرب البعيد جغرافياً ، ومن ثم استبعاد الفكرة وتعويض الأردن بمنحة مالية تدفع على خمس سنوات بمعدل مليار دولار سنوياً لتمويل مشاريع اقتصادية يوافق عليها المجلس سلفاً.
انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي يظل هدفاً وارداً بانتظار الظروف المناسبة والتغلب على بعض المخاوف والتحفظات غير المبررة. وإذا كانت المنحة الخليجية السخية استهدفت تأجيل فكرة الانضمام ، فقد انتهت مدتها وبذلك تعود الفكرة إلى موقعها لأن أسبابها وجدواها ما زالت قائمة.
مجلس التنسيق الأردني السعودي الذي تم الاتفاق عليه بين جلالة الملك وخادم الحرمين, هو خطوة كبيرة بالاتجاه الصحيح. فالسعودية هي محور مجلس التعاون الخليجي ، والتنسيق الاستراتيجي المنتظر معها هو عملياً تنسيق مع مجلس التعاون ويقترب كثيراً من عضوية المجلس. وإذا كان البعض يظن أن الأردن سيكون عبئاً مالياً على دول الخليج فالحقيقة أنه في الواقع استثمار عالي الجدوى.
أولويات السعودية في هذا التنسيق سياسية في المقام الأول فهي تريد تاييداً عربياً غير محدود في دورها لصد خطر التوسع الإيراني ، وهو الدور الذي كان يقوم به العراق قبل الاحتلال الأميركي. وهي تشعر بحق أن ما تقوم به في هذا المجال لا يخدمها وحدها بل يخدم الأمة العربية كلها. أما أولويات الأردن فهي كما يراها المحللون اقتصادية في المقام الاول ولكنها قومية واستراتيجية أيضاً. ويرى الأردن أنه يستحق الدعم السعودي والخليجي لأنه يشكل الاحتياطي الجاهز لحماية أمن الدول الخليجية من الأخطار الخارجية والداخلية ، ويظل جزءاً لا يتجزأ من منظومة الأمن الإقليمي والتكامل العربي.
(الرأي 2016-05-18)