تكاليف المعيشة ارتفعت أم انخفضت؟
بعد أن أصبحت دائرة الإحصاءات العامة تصدر أرقام التضخم الشهري والسنوي بطريقتين ، واحدة شاملة لسلة المستهلك والثانية تستثني العناصر المتقلبة مثل المحروقات التي انخفضت أسعارها بشكل كاسح ، والمواد الغذائية (الزراعية) التي تتقلب أسعارها موسمياً حسب فصول السنة وانفتاح أو انغلاق أسواق التصدير.
الرقم الأول الذي يقيس تكاليف المعيشة يهم المواطنين من ذوي الدخل المحدود ، الذين أصبحت دخولهم تشتري سلعاً وخدمات أكثر قليلاً ، وبالتالي لم ينخفض مستوى معيشتهم بل تحسن ولو بنسبة ضئيلة تتراوح حول 2ر1% وتعتمد الحكومة والشركات على هذا الرقم في معرض إقرار
الرقم الثاني يهم الاقتصاديين والحكومة والبنك المركزي لأنه يمثل التضخم الذي انتجته فعاليات الاقتصاد الوطني ، وبالتالي تبنى عليه السياسة النقدية للبنك المركزي التي تستهدف استقرار الأسعار.
تشير الأرقام إلى أن تكاليف المعيشة خلال الشهور الأربعة الاولى من هذه السنة كانت دون مستواها في نفس الفترة من العام الماضي بنسبة 16ر1% ، وأن متسوى أسعار سلة المستهلك في نيسان هذه السنة كانت دون مستواها في نفس الشهر من السنة الماضية بنسبة 18ر1%.
مما يلفت النظر في هذا المجال أن مستوى الأسعار في شهر نيسان الماضي كانت أعلى مما كانت عليه في الشهر السابق (آذار) بنسبة ثلاثة أرباع نقطة مئوية ، وهي زيادة مهمة إذا كانت تعني نهاية حقبة التضخم السلبي والعودة إلى أسلوب ارتفاع الأسعار باضطراد ، كما كانت الحالة دائماً.
يذكر أن التضخم الأساسي ، أي بعد استبعاد العناصر المتقلبة كالمحروقات والمواد الغذائية ، كان إيجابياً أي في حالة ارتفاع بنسبة 14ر2% ، وإذا أخذنا بالاعتبار أن الرقم القياسي لتكاليف المعيشة انخفض بنسبة 16ر1% ، فمعنى ذلك أن التقلبات السعرية (البترول والمواد الزراعية) مسؤولة عن تخفيض الأسعار بمقدار 3ر3% ، وهي نسبة هامة. أما الارتفاع الذي حصل بين نيسان وآذار فيعود لارتفاع أسعار المحروقات من جهة وهبوط الموسم الزراعي من جهة أخرى.
إجمالاً فإن الأرقام تدل على أن المستوى العام للأسعار وتكاليف المعيشة مستقر وفي الحدود المعقولة والمفهومة ، مما يسمح للبنك المركزي بالإدعاء أن سياسته النقدية نجحت في تحقيق استقرار الأسعار الذي يشكل هدفاً للسياسة النقدية.
(الرأي 2016-05-22)