الهيبة بدلا عن الخبز

تم نشره الجمعة 03rd حزيران / يونيو 2016 01:41 صباحاً
الهيبة بدلا عن الخبز
ماهر ابو طير

في قصة الحكومات في الاردن، بشكل عام، كلام يتداوله الناس، عن هيبة الحكومات، وان الحكومات لم يعد لها هيبة، والمقصود هنا، الهيبة بالمعنى الشرقي، للرجل، أكان مسؤولا او رئيسا او وزيرا او رب عائلة، فالعين العربية شرقية، وتقرأ لغة الجسد والاطلالة، وتقرر مع اول مسح ضوئي بالعين، اذا ماكان الرجل امامك، مهيبا (مهيوب)ام لا!. لكنك في غمرة الكلام عن هيبة الحكومات في الاردن، لاتعرف كيف يمكن لنا في 2016 ان نواصل الكلام عن الهيبة بمفهومها القديم، مثل هيبة المختار في جاهة تذهب لطلب يد عروس، فيقال ان المختار في القرية مهيوب، وقالبه قالب مختار منذ الولادة؟!. هذا زمن لاينفع فيه الكلام عن الهيبة الشخصية، ولو اردنا تطبيق مفهوم الهيبة على رئيس الوزراء الكندي مثلا، لقلنا عنه، غير مهيوب، والامر ينطبق على شخصيات كثيرة في العالم، تعد بمعاييرنا الشخصية غير مهيوبة، لامهيوبة الجانب، ولا فيها هيبة المسؤول، جراء البساطة والتلقائية والانفتاح على الناس، الذين يفهمون هذه السمات بشكل ايجابي، ولايتهمون المسؤول هنا، بأنه قليل هيبة، ويقيمون سياساته وحسب. عندنا القصة مختلفة، فما زلنا نسمع كلاما عن قلة هيبة فلان، ولاتعرف لو جاءت الينا حكومة مهيوبة الجانب، في يوم من الايام، بشخوص من فيها، رجال طوال القامة، مفتولي العضلات، بشوارب يقف عليها الصقر، وذعر يتولد في نفسك اذ ترى الواحد فيهم، فما نفع كل هذا امام حجم المشاكل، وامام عدم قدرتنا على تشخيص مشاكلنا، ووضع حلولها؟!. ربما (الكاريزما) امر مهم، اي ان يتمتع المسؤول بقدرة على الحضور وطرح وجهة نظره، ومجادلة الناس، واتخاذ القرار، اما الهيبة فتليق بثقافة المخاتير مع احترامنا لهم وحسب. هيبة الاشخاص، من هيبة الدولة.هنا الفكرة. وهيبة الدولة، تتأسس بالتدريج، عبر العدالة واشاعتها في البلد، وتكافؤ الفرص، ووجود معيار واضح لفكرة الحقوق والواجبات، وتسييل القانون على الجميع، بشكل قوي وعادل، اتكاء على ان الناس يأخذون حقوقهم، وعليهم الانصياع للقانون والواجبات، وهيبة الدولة، لاتتأسس على وجوه عابسة، او بطون منتفخة من السمنة، بل على معايير اضافية مثل محاربة الفساد، واحقاق الحقوق، ومنح الانسان حقه، بذات القوة، التي تطالبه بالواجبات، واشاعة الاحساس ان العدالة في كل شيء، من التعيين الى فرصة العمل، ووجود أفق في هذه الحياة، والمعايير هنا كثيرة، يمكن تعدادها بكل بساطة. هيبة الدولة لحظتها حين تكتمل تنسحب على الجميع، مسؤولا او مواطنا، وعلى سمعة البلد، وهي هنا، تنقلب الى معنى آخر، بعيد عن فكرة الهيبة الشرقية، وتذهب الى زاوية الشعور بالثقة والتمكين والرضا والاستقرار. مالذي يفيده وجود مسؤول هذه الايام بهيبة، مثلما يقولون، وانت تنام جائعا، وابنك محروم، واين يمكن صرف الهيبة، وفي اي مصرف يمكن سحب الشيكات من رصيد الهيبة، وهل يمكن ان تصير الهيبة بديلا عن الخبز.هذا مستحيل. هذا مجرد تشاغل واحلال لاوهام مكان الحقائق؟!. في الغرب لاتسمع كلاما عن الهيبة، تسمع كلاما فقط عن (كاريزما) المسؤول، ثم مباشرة كلام عن سياساته، ولايهمهم كثيرا، لو ظهر اوباما، ببنطال قصير يلعب الغولف، او شوهد رئيس وزراء بريطانيا، وهو يقبل اعتذار مسلمة عن مصافحته باليد في لندن، فلا احد يقول ان هيبة كاميرون تم انتقاصها، او ان اوباما بلا هيبة، ولايخجل من تعرية سيقانه. آن الاوان ان نفهم بعمق ان هيبة الشخص، من هيبة الدولة، وان هيبة الدولة، مجرد مسمى رمزي، لدولة تعتنق العدالة، عقيدة وفهما وممارسة، وبدون ذلك، نكون نحن قد استعضنا عن حقوقنا، بمسؤولين اصحاب هيبة، لايمكن ايضا، ان يقنعوا اطفالنا، ان الهيبة بديل عن اللباس والحليب والحياة الكريمة. ثم اننا بصراحة نطبق مفهوم الهيبة الشخصية بمعيار مزدوج، فالمسؤول الذي تحبه، تراه صاحب هيبة، والذي لاتحبه، تعتبره متعجرفا متكبرا!!.

(الدستور 2016-06-03)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات