من القذافي إلى ترامب
إذا كان القذافي يستطيع أن يحكم بلدأً عربياً هو ليبيا لمـدة أربعين عاماً ، مع أنه كان محل سخرية العالم كشخص أقل ما يقال فيه أنه غير طبيعي ، فليس هناك ما يمنع أن يحكم ترامب أميركا بالرغم من الصفات المشتركة بين الرجلين وربما بسبب هذه الصفات.
ترامب أهان المرأة في أكثر من مناسبة ، ويريد إبعاد 12 مليون مهاجر غير شرعي ، وأن يمنع المسلمين من دخول أميركا ، ويدعو للعزلة تحت شعار أميركا أولاً ، ويطرح أهدافاً رنانة لا يقوى على الالتزام بها مثل جعل اميركا عظيمة مرة أخرى. باختصار رجل غوغائي خبرته في السياسة والحكم صفر.
الحزب الجمهوري الذي تعامل مع الأثرياء وخدمهم ومنهم الملياردير دونالد ترامب هو الملام ، وعليه الآن أن يتحمل المسؤولية. والمواطن الأميركي البسيط الذي تخدعه الشعارات يستحق أن يحكمه ترامب.
قد يقال أنها الديمقراطية وصناديق الاقتراع ، ولكن علينا أن نتذكر أن هتلر لم يغتصب الحكم بل وصل إليه عن طريق صناديق الاقتراع ، ولا يهم أن هتلر مثـّل الإسلاميين في الجزائر ، الذين فازوا في الانتخابات وأعلنوا صراحة أنها ستكون آخر انتخابات تشهدها الجزائر ، فلا لزوم للديمقراطية بعد وصولهم إلى السلطة ، ومن هنا قام الجيش بقمعهم باسم حماية الديمقراطية.
بالرغم مما يقابل به ترامب من استنكار في أوساط النخبة السياسية ، إلا أن فوزه بالرئاسة ليس مستبعداً نظراً لأنه سوف يقابل هيلاري كلينتون التي لا تتمتع بشعبية واسعة ، وتقف في وجهها ثلاث نقاط ضعف على الأقل هي بنغازي ، وأسلوب مراسلاتها على الانترنت كوزيرة للخارجية ، وخيانه زوجها.
العالم يستطيع أن يتعايش مع ترامب كما تعايش مع عدد كبير من الرؤساء والمهووسين بالسلطة الذين لا يخلو منهم العالم العربي. ولا ننسى أن ترامب ذكي ، ويعرف من أين تؤكل الكتف ، وقد فعل وقال ما ضمن فوزه في الانتخابات التمهيدية بترشيح الحزب الجمهوري ، وسيفعل ويقول ما يضمن له النجاح في الانتخابات الرئاسية. كما أن الجمهوريين الذين يقفون في وجهه الآن سيعيدون النظر ويعدلون مواقفهم أمام الأمر الواقع ، خاصة إذا أحاط الرئيس ترامب نفسه بخبراء في السياسة والاقتصاد لهم وزنهم واحترامهم.
كما تبدو الامور حتى هذه اللحظة فإن البيت الابيض سيكون من نصيب هيلاري ، ولكن كل شيء مكن ، ويجب ان نكون مستعدين للتعامل مع من يفوز كائناً من كان.
(الرأي 2016-06-03)