تعددت الذئاب والعُواء واحد !
سواء كان الذئب مُنفردا كما يقال عن الارهابيين الذين اصابهم العمى في البصر والبصيرة معا، او فردا في قطيع فإن العواء هو ذاته وكذلك المخلب واللغاب الذي يقطر منه السمّ، ورغم تكرار العمليات الارهابية على اختلاف النسب الايديولوجي الا انها لم ولن تصبح مألوفة لأن البشر لا يتأقلمون مع اوضاع شاذة مضادة لفطرتهم وطبيعتهم، وهذا بحد ذاته سبب كاف لافشال رهان من يحاولون اعادة مجرى التاريخ الى الغاب والكهف . ومن يقرأ التاريخ في العمق وليس من اجل التسلية فقط يجد ان الارهاب لم يولد في عصرنا، وان له اسلافا وجذورا ممتدة الى الماضي البعيد، لكنه فيما اعلم على الاقل لم يربح حربا واحدة، لأن البشر بما فطروا عليه من حب الحياة والانجذاب الى التعايش قاوموه بكل الاساليب، تماما كما ان الفوضوية او الباكونينية ـ نسبة الى باكونين ـ لم تستطع ايقاف التطور في منظومات الحياة كلها، بدءا من منظومة القيم حتى منظومة الدولة . ان ما يكتب الان عن هذه الظاهرة من مقتربات سياسية هو اضعاف ما يقال من منطلقات ثقافية وفكرية وتربوية، واهم سلاح في الحرب ضد التطرف على اختلاف ذرائعه تربوي وثقافي، لأن التطرف يتغذى من حالة الاستنقاع ويصطاد ضحاياه من برك الامية والجهل الاسنة، فهو لا يسعى فقط الى تجريف الوعي وافراغه بل الى استبداله بوعي سالب لهذا فهو يمارس نمطا من الاستثمار في واقع ملغوم ويعج بالمتناقضات . وفي حرب كهذه بين الحياة ونقيضها وبين المهد والتابوت لا يملك اي واحد فيها الحق في ان يكون محايدا، لأنه طرف رغما عنه . وهو من حيث يدري او لا يدري هدف، لأن العمى الذي اصبح وبائيا لدى الجماعات المتطرفة لا يفرق بين طفل وشيخ وبين شاهدة قبر وحجر ملقى على الرصيف . واذا كان الارهاب يطور من ادواته وتقنياته ويستفيد من منجزات العصر العلمية، فإن مضاداته اولى وأجدر بتطوير ادواتها واساليبها، لأن الحرب اندفعت الى اقصاها، انها وجود او عدم !!
(الدستور 2016-06-12)