لبيك يا حسين في ديرة عمر
عبر اليوتيوب يتم بث مقطع لكتائب الحشد الشعبي، وهي تقوم بتعداد رؤوس تم قطعها من مقاتلي داعش في الفلوجة، ويتم رفع الرؤوس، مثل رؤوس الخراف، والدم يسيل منها، والسكاكين بيد المقاتلين، ويتم التقاط صور السيلفي، وكأننا في حفل مبهج. في الوقت ذاته يتفنن داعش، بحرق الاسرى، وقتلهم بوسائل مختلفة، فلا اختلاف بالتعبير عن البشاعة والدموية، فوق دحرجة الجثث، وقتل الابرياء ايضا، واستباحة الحرمات، والتمثيل بالمقاتلين من الطرف الاخر، في مشاهد مبهجة ايضا. لا نتحدث هنا عن الشرعيات، هل كتائب الحشد الشعبي، شرعية او غير شرعية، هل لها شرعية سياسية ودينية، ام انها بدون شرعية، ولا نتحدث عن داعش، وهل هي ذات شرعية سياسية او دينية، او بدون شرعية، نتحدث فقط، عن منسوب الاجرام الكامن في نفوس كثيرين، وهذه البشاعة، والدموية في الحرب، نتحدث عن اخلاقيات القتال، حتى لو كان الطرفان بلا ملّة ولا دين، عن اخلاقيات القتال، التي تتطابق حتى مع الغريزة الانسانية السوية. في كل حروب الدنيا هناك قواعد، لمعاملة الاسير، او قتل الذي يحاربك، او تحاربه، اقلها اذا امسكت عدوا لابد من محاكمته محاكمة عدالة، واذا افترضنا ان العدالة هنا حكمت بالاعدام- على افتراض العدالة اساسا- فإن الاعدام له قواعد واسس، اقلها تنفيذه بطريقة مقبولة، وايضا اخفاء الصور، رحمة بالناس، وليس الرقص فوق جثث محروقة او مقطوعة الرأس، كما نشهد عند كل الاطراف. في العالم العربي والاسلامي، هناك دموية بشعة جدا، لا تعرف من اين تأتي، كيف يمكن التمثيل بالجثث، وكيف يمكن حرق الاحياء والموتى، وكيف يمكن ايضا قطع الرؤوس وفصلها بسكاكين والاحتفال بحمل الرؤوس وعدها وتصوير العملية؟!. في سنين سابقة، وخلال احتلالات سابقة، جرت حوادث بشعة، اكثر بشاعة مما نراه هذه الايام، لكننا في عام 2016، وكل هذه التنظيمات ترفع شعارا دينيا، فكتائب الحشد الشعبي وهي تذبح، تقول لبيك ياحسين لبيك يا زينب، ومقاتلو داعش، يصيحون ايضا بأعلى اصواتهم في الفلوجة، هذه ديرة عمر، وتكاد ان تقول للجميع ان الحسين وزينب وعمر ابرياء، من كل هذه القباحات، التي ترتكب تحت اسماء طاهرة لاعلاقة لها بكل هذا القتل والموت، وغير معنية اصلا، وهي عند ربها مكرمة، ولو كانت ذات بصيرة، حيث هي، لشاحت البصائر بنورها عن هذه البشاعات الدموية التي ترتكب باسم الله، فهم قامات عظيمة وازنة لا حقّ لأحد منا زجّها في هذه الصراعات. لا نتحدث هنا، مرة اخرى عن شرعيات الحرب، ولا شرعيات هذا او ذاك، نقرأ المشهد بعين فيها احساس المسلم والعربي، ولا نعرف من اين جاءت اخلاقيات القتال بهذه النمطية، سحب السكاكين، فصل الرؤوس، التلذذ بالدم، حرق الجثث، حرق الاحياء، اخافة النساء، وغير ذلك من مشاهد نراها على يد كل هؤلاء. مع كل مقطع ضد كتائب الحشد الشعبي، هناك مقطع ضد داعش، وحرب المقاطع، تأخذنا الى حقيقة مستقرة، ان كل هؤلاء فيهم دموية بنيوية، بطبيعتهم، وان الاسلام بريء كل البراءة مما نرى، وان خيانة النبي صلى الله عليه وسلم، تتم عبر نسب كل هذه القبائح الى موروثه، جل قدره، وعلا، فقد جاء النبي متمّما لمكارم الاخلاق، وليس مربيا لجزارين.
(الدستور 2016-06-12)