الحسبة الصح
بأبهى صورة يمكن لداعية في القرن الواحد والعشرين أن يكون عليها أكرمنا الله في الأردن بمثل الدكتور أمجد قورشة، داعية شاب بعلم غزير وعقل راجح و همة متوقدة و عمل دؤوب.
شيخ لا ينتظر فتوى لتأتيه على مكتبه عن الحلال و الحرام و الواجب و المكروه ولا يقدم الدين تنظيرا في قاعة المحاضرات بل شيخ ميدان يسابق الخيرات ليعززها والراذئل ليقضي عليها.
شيخ لا يمسك السيف للمذنب مهما عظم ذنبه و لا يغلق الأبواب في وجه العصاة مهما تعاظم عصيانهم بل يقدم لهم يدا منعمة تأخذ بيدهم مشفوعة بوجه لا يعرف التقطيب و قلب و عقل مفتوحين للاستيعاب و مزيدا من الاحتضان
شيخ يمثل الوجه الجميل للوطن سمح الدين و عذب العبارة و سلس الحجة و متين العقيدة
شيخ يقول لك ان الوطن من الدين و خدمته و خدمة اهله هي كمحراب الصلاة و ليس بمسلم من لا يحول القرآن و السنة الى منهاج عملي.
شيخ يقبل عليه الشباب كما يقبل الفراش على مصدر ضوء انسا و استئناسا و طلبا للنور والدفء.
شيخ يُنتظر قوله و موقفه في الملمات و يُسمع له لأن الناس ما عهدت على يده تلوثا بعطية او منصب و لا على ذمته تلوثا بباطل او تزيينا له.
اليوم أقابل خبر اعتقال الدكتور أمجد قورشة باطمئنان غريب فما عالم ولا داعية صادق إلا وأوجب الله عليه امتحان الصدق والتمحيص ليعلم الله الذين لا تأخذهم فيه لومة لائم و النتيجة على مر التاريخ كانت فاصلة رفعت اعلاما على رؤوس الأشهاد عبر التاريخ وغيبت أسماء ما علم الناس حتى بوجودها، فسطع نجم ابن حنبل في فتنة لم يصمد لها الاقوياء ورضي سلطان العلماء العز بن عبد السلام بالنفي و لا ان يبيع فتاواه او يغيرها وظل الشيخ سعيد الحلبي مادا رجله في حضرة ابراهيم باشا وامتنع بعدها عن اخذ عطائه ورفض استمالته قائلا له «ان من يمد رجله لا يمد يده».
هؤلاء العلماء كان امتحانهم الاصعب والمتكرر في مواجهة السلطان فالسلطة والعلم قلما يتصاحبان الا اذا فرط العلماء وهادنوا و دخلوا بيت الطاعة و برروا بأقوال الله و سيرة رسوله استباحة حرام و تحليل معصية
قلوب الكثيرين و عقولهم و اصواتهم و جهودهم حولك يا دكتور تسأل الله ان يثبتك على الحق و ان يريك السداد و الصواب ان اجتهدت فأخطات و للمجتهد أجره على كلا الحالين فالله الواسع لا يضيق بعباده و لو ضاق العباد ببعضهم على كلمات
ان حاسبوك على كلمة، صحا ام خطئا كانت، او فُهمت و فُسرت في غير سياقها، فإن لك في عقولنا كلمات وخطب و مشاريع لا ننساها في حب الوطن و الحفاظ عليه قويا عزيزا كريما آمنا.
التمحيص سنة الله مع اصفيائه والثبات في الابتلاء حسبة صح واليوم امتحانك.
(السبيل 2016-06-15)