سيناريو أسوأ الاحتمالات
خلال السنوات الخمس الأخيرة كان الدين العام يرتفع بمعدل مليارين من الدنانير سنوياً حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه الآن حيث ارتفعت المديونية من 70% في نهاية 2011 إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالـي في نهاية 2015 ، مما اعتبر بجميع المقاييس تجاوزاً للخطوط الحمراء.
خلال الربع الأول من هذه السنة استمرت المديونية في الارتفاع ، فكانت الزيادة الصافية بعد أخذ حركة الودائع بالحساب 497 مليون دينار ، وتمثل زيادة النفقات الجارية والرأسمالية عن الإيرادات المحلية والمنح الخارجية ، أي العجز في الموازنة المركزية وموازنات الوحدات الحكومية المستقلة.
إذا استمر هذا الوضع الشاذ خلال الأرباع الثلاثة الاخيرة من هذه السنة ، فسيكون نمو الدين العام قد استمر بالسرعة المعتادة أي مليارين من الدنانير سنوياً.
المأمول أن هناك وعياً متزايداً لخطورة المديونية ، بحيث ان الحكومة سوف تكون مفهومة تماماً لو أعلنت حالة الطوارئ ، واتخذت الإجراءات الجراحية اللازمة لوقف تقدم هذا السرطان ، فهل هناك توجه من هذا القبيل ، وهل سيكون هناك دور لما يسمى الحلول الخلاقة؟.
حكومة الدكتور عبد الله النسور أحست بالمشكلة فاستدعت الصندوق ليفرض شروطاً لا تستطيع هي ، أي الحكومة ، أن تفرضها على نفسها ، فكان أول شروط الصندوق وضع حد لتضخم المديونية بحيث لا ترتفع نسبتها هذه السنة عما كانت عليه في بدايتها أي 93% من الناتج المحلي الإجمالي.
الصندوق لم يطلب رد الاقتراض بل اللطف فيه ، بحيث لا يرتفع بنسبة تزيد عن نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ، أي حوالي 5% أو 1250 مليون دينار ، 40% منها تحقق في الربع الأول مما يضيق هامش المناورة أمام السياسة المالية خلال ما تبقى من السنة.
من أسوأ ما يمكن أن يحدث أن توافق الحكومة على شرط الصندوق فيما يتعلق باستقرار نسبة الدين العام هذه السنة كشرط مسبق لقبول الصندوق الدخول في برنامج إصلاح اقتصادي مع الأردن ابتداءً من السنة القادمة ، ثم لا يتحقق هذا الشرط وينسحب الصندوق بحجة عدم قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها.
سيناريو أسوأ الاحتمالات يجب أن لا يحدث في عهد حكومة ترفع شعار الحلول الخلاقة.
(الرأي 2016-06-19)