لو كان «شتاينماير».. عربياً!!

تم نشره الثلاثاء 21st حزيران / يونيو 2016 12:50 صباحاً
لو كان «شتاينماير».. عربياً!!
محمد خروب

أما فرانك - فالتر شتاينماير، فهو وزير الخارجية الألماني، «الشريك» في الائتلاف الحكومي الحالي, الذي تقوده زعيمة الحزب الديمقراطي المسيحي, المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي الالماني، منذ نهاية العام 2013، ومناسبة الحديث عن هذا السياسي الألماني المخضرم, هي التصريحات «الناريّة» التي أطلقها قبل يومين مُنتقداً «في شدة» سياسة حلف شمال الأطلسي حيال روسيا، بدت وكأنها «تغريدة» المانية خارج سرب الحلف، لكنها تميزت بالدقة والقراءة الشجاعة لمشهد التوتر المتصاعد بين بروكسل (مقر الحلف) وموسكو, على نحو بدت الامور وكأنها سائرة نحو استعادة «مُخطّطة» للحرب الباردة، ولكن في ظروف دولية مغايرة, اقلها ان الطرف المقابل للحلف الأطلسي لم يعد الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية المنضوية تحت راية حلف وارسو، بل روسيا الاتحادية وحدها، ما يُغري صقور اليمين المحافظ في الحلف (وهم كثر بالمناسبة) ومَنْ يدعمهم من الخلف كشركات الأسلحة واللوبيات الداعمة لها, من انصار وخدم المجمع الصناعي العسكري النفطي، بتسخين العلاقات بين موسكو وبروكسل ورفع منسوب التوتر على نحو قد يُسهِم في مزيد من التأزيم ويُطلق في شكل او آخر, سباقا جديدا للتسلح على النحو الذي فعله رونالد ريغان في ثمانينيات القرن الماضي في مواجهة الاتحاد السوفياتي عبر مشروعه العدواني (والخيالي كما ثبت لاحقاً) المُسمّى «حرب النجوم»، ما ارهق موسكو السوفياتية واسهم في نضوب الخزينة السوفياتية الفارغة أصلاً، وسرّع – ضمن امور أخرى – في انهيار هذا الاتحاد وبالتالي تفكك حلف وارسو، الذي اقيم حلف شمال الاطلسي «زعماً» لمواجهته وعندما اختفى حلف وارسو، استمر الاطلسي بل توسّع وازدادت أطماعه الجيوسياسية بل وغدا جيشاً متعدّد الجنسيات, للقيام بمهمات تتجاوز أطر نظامه الداخلي على النحو الذي رأينا فيه كيف سخّرت واشنطن الحلف, لنجدتها في حروبها العدوانية كما حدث في افغانستان والعراق عبر تحالف «الراغبين» ويمكن ان يحدث في أماكن أخرى.(بالمناسبة موسكو اكدت انها لن «تنجر» الى اي سباق جديد للتسلّح...تحت اي ظرف).

ما علينا..

الوزير الألماني الذي انتقد سياسة حلف شمال الأطلسي حيال روسيا، حذّر الناتو من تصعيد حدة التوتر واستئناف المواجهة التي مر بها العالم خلال الحرب الباردة، واقواله تلك جاءت في مقابلة مع صحيفة «بيلد أم زونتاغ» الالمانية نُشرِت السبت الماضي مضيفاً «.. ما علينا ان نتجنبه اليوم، هو مفاقمة الوضع مع نداءات تدعو الى الحرب, منتقداً خصوصاً نشر قوات الناتو، قواته قرب الحدود مع روسيا»، مُستطرِداً «.. مخطئ مَنْ يُريد توفير المزيد من الأمن في الحلف، عبر عروض رمزية للدبابات قرب الحدود مع الشرق»، مُعتبراً ان «حصر النظر بالجانب العسكري والسعي الى الانتصار، عبر سياسة الردع فقط سيكون.. مُمِيتاً».

لم يتوقف الوزير الالماني المعروف بتعليقاته المدروسة كما قالت الصحيفة الالمانية عند ذلك, بل دعا الى تعزيز الحوار مع روسيا وإشراك موسكو في ما وصفه بـ»المسؤولية الدولية المشتركة»، مشيراً الى المشاركة الروسية حول الملف النووي الايراني ومحاربة المجموعات «الاسلامية» المتشددة في الشرق الاوسط باعتبارهما مثالين ناجحين لمثل هذا «الإشراك».

إذا ما اسقطنا تصريحات الوزير الالماني على المشهد العربي الراهن بما فيه من تصدع وانكسارات وخراب وذهاب «مقصود» نحو الفوضى والدمار وخروجاً مؤكداً من التاريخ (والجغرافيا ايضاً)، فللمرء ان يتصور ردود فعل دول وعواصم وقيادات عربية (لا تستثني احداً) في ما لو صدرت تلك التصريحات «النارية» عن مسؤول عربي رفيع المستوى والصلاحيات والتأثير، ضد «النظام العربي» الراهن, حتى دون ان يُسمي دولة او عاصمة عربية بعينها او يغمز من قناة هذه السياسة او تلك التي تمارسها احدى الدول او اكثر من دولة وعاصمة ازاء قضية عربية «ساخنة», إن في سوريا ام العراق ام اليمن ام ليبيا ام تلك الساحات المُرَشحة لدخول عواصف الربيع العربي العاتية, والتي لا يصعب على احد توقع اندلاعها في «ساحات» جديدة, بدأت نذرها بالتجمع في فضاءاتها على النحو الذي نُلاحظه في تزايد عمليات الارهاب والتفجيرات المتدحرجة والمواجهات المسلحة مع قوات الأمن او اعادة «إحياء» الحروب, كما يحدث في السودان وتونس وسيناء وعلى الحدود بين الجزائر وليبيا، ناهيك عمّا يحدث في فلسطين.

لو كان شتاينماير عربياً وادلى بتصريحات كهذه, لاندلعت «على الفور» حروب اعلامية وقُطِعت علاقات دبلوماسية وانخرط الكل في تصريحات اتهامية متبادلة, تُقوِض ما تبقى من وشائج او علاقات مهتزة وعابرة, لم تكن ذات يوم متينة او واعدة.

ماذا فعل الاطلسي حيال تصريحات الوزير الالماني؟

.. ليس سوى إخضاعها للدراسة الفاحصة باعتبارها رأي دولة مركزية ومهمة في الحلف, يجب عدم إغفال مفاعيلها و...»نقطة» على آخر السطر.

(الرأي 2016-06-21)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات