علم الاقتصاد للناخبين

تم نشره الأربعاء 22nd حزيران / يونيو 2016 02:09 صباحاً
علم الاقتصاد للناخبين
إبراهيم غرايبة

تتشكل ثقافات الشعوب وحضاراتها وقيمها حول مواردها، أو كما يقول جوزيف شومبيتر؛ إن روح الشعب وثقافته وبنيته الاجتماعية والأعمال التي قد تعدّ سياسته، كل ذلك وأكثر مكتوب في تاريخه المالي.

ومن ثم، فإن الانتخابات والعملية السياسية بعامة، إذا لم تعكس الجدل السياسي والاجتماعي حول الضرائب والموارد والأعمال، فإنها تنفصل عن الحياة والسياسة، وتعود لا قيمة حقيقية لها، وليست أكثر من هواية أو تسلية! أو ضريبة إضافية على المواطنين، أو شيئا من قبيل أعمال السخرة أو الاحتفالات والمهرجانات.

والمواطنون المشغولون بالانتخابات الرئاسية الأميركية مثل الأميركيين وربما أكثر من الانتخابات الأردنية المفترض أن تجرى في 20 أيلول (سبتمبر) المقبل، يفترض أن يلاحظوا محتوى الجدل والخلاف الأميركي حول الضرائب والتأمين الصحي والتعليم والرعاية الاجتماعية... فربما تكون كلمة الضرائب هي الأكثر تكرارا وجدلا في الحياة السياسية والانتخابية الأميركية.

السياسة، ببساطة، تدور حول الإنفاق الحكومي. ويفترض أن الانتخابات هي آلية المراجعة والتنظيم لعمليات الإنفاق الحكومي. ولا يمكن أن تأخذ الانتخابات موقعا إيجابيا فعليا في ترشيد الحكم وتنشيط الأسواق والازدهار وتلافي الفشل والعجز، إلا بوعي اجتماعي عقلاني يحيط بوضوح بالموارد العامة والضرائب، وجمعها وإنفاقها وتنظيمها. فالإنفاق الحكومي يبدأ بالعدالة والكفاءة في جمع وإدارة وتنظيم الضرائب على النحو الذي يحسّن حياة المواطنين. وإذا لم يلاحظ المواطنون علاقة بين مستوى معيشتهم وبين الإدارة الحكومية للضرائب والإنفاق، فهذا هو الفشل الحكومي، وهو أيضا مناط العمل السياسي الشعبي والانتخابات.

أعلنت الحكومة أنها بصدد مجموعة من الإضافات الضريبية الجديدة، برغم أنها حكومة لم تنل بعد ثقة النواب. ويفترض أن يتذكر المواطنون أن حكومة د. فايز الطراونة اتخذت مجموعة مماثلة من القرارات التي تطال دخول المواطنين، ولكنها تتخذ من دون مشاركة المواطنين أو موافقتهم، برغم أنها أموال تؤخذ من موارد الأسر وقوت الأطفال. وهي ربما تكون قرارات صحيحة، أو أنها أموال جمعت لتوضع في خدمة سياسات وأعمال ضرورية، لكن الفكرة الأساسية التي يجب أن يعيها الناخبون هي أن السياسات المالية والضريبية هي جوهر الانتخابات، ولا معنى لها إذا لم تؤثر في الاتجاهات الضريبية وفي الإنفاق، بما يعكس مصالح ومواقف الناخبين.

سوف يسخر القراء (إذا كان أحد يقرأ هذا المقال) ويعلقون بالقول إن مجلس النواب المقبل سوف يوافق على القرارات الحكومية، فالحكومة تتصرف وكأن موافقة النواب تحصيل حاصل. وهو أمر صحيح. ولكن تظل المقولة الأساسية لهذا المقال -حتى لو بدت في علاقتها بالوطن والمواطنين مثل علاقة السلام الوطني الاكوادوري- صحيحة أيضا، وهي أن الانتخابات يجب أن تأخذ محتوى اقتصاديا، أو أنها لن تكون مختلفة عن الدعوة إلى استقلال جزر فوكلاند أو انضمامها إلى الأرجنتين.

(الغد 2016-06-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات