إنهم يتحدثون عن «نفاد الصبر».. ماذا بعد؟

تم نشره الأربعاء 22nd حزيران / يونيو 2016 02:10 صباحاً
إنهم يتحدثون عن «نفاد الصبر».. ماذا بعد؟
محمد خروب

لم يكد الطرف الأميركي الذي بادر على لسان جون كيري، بالحديث عن ان «صبر بلاده في سوريا.. ليس بلا حدود»، ثم راح لاحقاً يُفسِّر لموسكو انه لم يقصد في ذلك التصريح التلويح بـ«تهديد» ما او شيئا من هذا القبيل، حتى انبرى رئيس هيئة اركان القوات الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف، ليقول: «..نحن من نفد صبرنا حيال الوضع في سوريا وليس الاميركان» بعد ان بيّن الجنرال الروسي رفيع المستوى الذي نادراً ما يدلي بتصريحات: ان بلاده تلتزم باتفاقات دعم الهدنة والمصالحة في سوريا.

ثمة إذاً خطوة لاحقة لا بد بالضرورة في طريقها الى الحدوث، بعد أن لم يعد لدى احد منهما المزيد من الوقت لمراقبة ما يحدث على الارض والاكتفاء بذلك، فيما تتعرض موازين القوى للاختلال وبخاصة لصالح الجماعات الارهابية التي تتصدرها جبهة النصرة والتي تحظى بدعم اميركي مفتوح, بدليل ان واشنطن ما تزال حتى اللحظة لم تنفذ تعهداتها في شأن فصل الجماعات التي تصفها «معتدلة» عن تلك التشكيلات التي تقودها النصرة وداعش وتنخرط فيها مجموعات أخرى مثل أحرار الشام وجند الأقصى والكتائب التركمانية التي تحظى بدعم أنقرة كما باقي الفصائل الإرهابية.

وإذ لفت الجنرال الروسي الى ان قوة الجماعات المسلحة «في ازدياد» مستفيدة من نظام وقف الاعمال القتالية التي استغلته وخصوصاً في ريف حلف الجنوبي, باستقدامها المزيد من المقاتلين والاسلحة والعتاد الذي زودته بها تركيا او سهّلت مروره من اراضيها قادمة من محافظة ادلب، فان «الشكوى» الاميركية من ان الطيران الروسي استهدف مناطق خاضعة لسيطرة «المعارضة المعتدلة» التي دربتها واشنطن، تبدو مجرد محاولة للتملص من تنفيذ ما التزمته امام موسكو,وخصوصاً حين شعرت الاخيرة انها وقعت في «كمين» وقف الاعمال القتالية الذي كانت اقترحته الخارجية الاميركية لمنح الجماعات المسلحة فرصة لالتقاط أنفاسها بعد الهزائم الموجعة التي لحقت بها وتحديداً عندما كانت أحياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها الجماعات الارهابية وعلى رأسها النصرة واحرار الشام، على وشك السقوط في يد الجيش السوري، كذلك كان الحال في ريف حلب الجنوبي، الامر الذي كان سيعني, ضمن امور اخرى, حسم معركة حلب والحاق الهزيمة شبه النهائية بالمشروعين «التكفيري الجهادي» المدعوم من تركيا صاحبة المشروع الآخر الذي اعلنه صراحة اردوغان» وهو «المشروع العثماني» الرامي الى اعادة الهيمنة على المنطقة العربية عبر البوابة السورية.

اين من هنا؟

زيارة وزير الدفاع الروسي شويغو لم تكن بالتأكيد للسياحة او قضاء عطلة على الساحل السوري, كذلك لم تكن كما سعى انصار المشروع التكفيري الظلامي الى تصويره, وكأنها محاولة روسية لضبط «الساعة السورية» وافهام دمشق ان عليها الاختيار بين جدول الاعمال الروسي أو ذلك الخاص بها وربما المُنسّق مع طهران, ويسوقون دليلاً متهافتاً على غياب الطيران الروسي عن المعارك الضارية التي ما تزال مستمرة في ريف حلب الجنوبي, والتي احرزت فيها النصرة وحلفاؤها بعض التقدم في المنطقة, عبر استعادة عدد من القرى منها اولاً خان طومان ومؤخراً بلدة خلصة الاستراتيجية, الامر الذي لا يمكن البناء عليه حتى في ظل ارتفاع عدد الذين سقطوا من القوات الحليفة للجيش السوري من مقاتلي حزب الله والمتطوعين الاخرين.

موسكو المنخرطة في الازمة السورية منذ الثلاثين من ايلول الماضي, لم توقف انخراطها او تحد منه في منتصف «المعركة», لأنها بذلك تمنح فرصة تاريخية لن تتكرر للارهاب كي ينتصر, وهي(روسيا) عنصر فاعل على المستويين الدولي والاقليمي في محاربته, كونها أحد اهدافه كانت وما تزال, وبالتالي فهي تخوض الى جانب عدم سماحها باسقاط الدولة السورية, حربها الخاصة ضد الارهاب, فضلاً عن ان لا مؤشرات بأن «افتراقاً» في وجهات النظر بين موسكو ودمشق حيال ما يجري, وكل ما يُبث وينشر من اخبار ملفقة وتحليلات من صنع خيال اصحابها, لا يعدو كونه مجرد تكهنات وقراءات رغائبية تُشكّل جزءاً من الحرب النفسية والاعلامية الضارية التي لم تتوقف منذ اندلاع الازمة السورية قبل نيف وخمس سنوات.

المؤشرات تشي بأن موسكو في صدد الاستفادة من دروس المرحلة الممتدة منذ اربعة اشهر (27 شباط حتى الان) والمقصود بذلك, منذ اعلان وقف الاعمال القتالية, الامر الذي تُظهره تصريحات رئيس الاركان الروسي الغاضبة, ناهيك عن تصريحات رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف وخصوصاً تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين الذي قال في ما يشبه التحذير الاخير: بأن انهيار سوريا سيُعرض أمن واستقرار المنطقة والعالم الى خطر كبير, وهو ما يروم اليه الارهابيون ومن يدعمهم في المنطقة وعبر المحيطات.

(الرأي 2016-06-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات