هل هناك ملحق سري لاتفاقية نتنياهو اردوغان؟!
خفتت كل الاصوات المؤيدة لاردوغان في العالم العربي، التي ترى فيه منقذا ورمزا كبيرا، بعد اتفاقية التطبيع مع اسرائيل، وهو التطبيع الذي جرى باسم غزة وبذريعتها، لكنها الوحيدة التي لم تستفد منه، الا اذا كان هناك ملحقا سريا لاتفاقية التطبيع، وهذا مجرد احتمال قليل جدا، ونحتاج الى وقت حتى نتأكد اذا ماكانت هناك تفاصيل سرية، لم يتم اشهارها. اعتدت اسرائيل على تركيا، وقتلت عشرة اشخاص كانوا يتضامنون مع الشعب الفلسطيني، ما اثار موجة عداء اضافية ضد اسرائيل في العالمين العربي والاسرائيلي، واشتداد موجة التعاطف مع الاتراك، ومع اردوغان شخصيا، وطوال السنوات الست الفائتة، بقيت العلاقة السياسية متدهورة بين تركيا واسرائيل، الا انها لم تنقطع فعليا، اذ بقيت فاعلة على مستويات اخرى. الكارهون لاردوغان يهللون بعد نشر اتفاقية التطبيع، فصدورهم تحمل ضغائن ضده، ويريدون القول انه باع الشعب الفلسطيني لاجل مصالح تركيا، ولاجل التخفيف من عزلة تركيا عالميا، وهؤلاء يلونون الكلام، وفقا لما يريدون، فدوافعهم هي المسيطرة، دون ان ننكر هنا، ان اتفاقية التطبيع جاءت دون ان تحقق شيئا فعليا لغزة واهلها، لكننا نتحدث عن فروقات الدوافع فقط. بقي الحصار.حصار المعابر، وهذا هو اخطر مافي وضع غزة، منع الناس من الحركة الى مصر والاردن والضفة الغربية، وخنقهم في بيت كبير، ومنع اعادة الاعمار، وهما الملفين الاكثر خطورة، وتجاوزتهما اتفاقية التطبيع، فلا كلام عن فتح المعابر وحرية السفر، ولا اشارة على بدء الاعمار، واعادة بناء وترميم الاف البيوت المهدومة. كل ماخرجت به اتفاقية التطبيع، لصالح اسرائيل فعليا، التي قد تبيع الغاز الفلسطيني المسروق الى الاتراك، او تبيعه عبر الاتراك ، اضافة الى ان بناء محطة توليد كهرباء وتحلية مياه، على اهميته، الا انه لن يرفع الكرب عن القطاع ابدا، فمشكلة القطاع اعمق بكثير. هذا يعني امرين اولهما ان الاتراك لم ينجحوا في المساومة على شروط افضل، لان اسرائيل ترفض، ويعني من جهة اخرى، ان المطلوب من الاتراك عبر تأثيرهم على حماس، تنازلات اكبر، ليتم فك الحصار عن غزة، وهذه التنازلات قد لايكون بالامكان انتزاعها من حماس، لاعتبارات اقليمية، وقد يكون حدثت تنازلات سرية، لانعرف عنها وعن نتائجها حتى الان. لايمكن هنا تحميل الاتراك مسؤولية المعاناة في غزة، فلم يكونوا السبب بها، اذ ان هناك الاحتلال اولا، ثم الانقسام الفلسطيني، والتأثيرات العربية والاقليمية، بخصوص حماس والاخوان المسلمين، وقضايا اخرى كثيرة، وبالنسبة لمراقبين كثر، يشمتون بالاتراك على هكذا اتفاق هزيل، يقال اليوم، انهم مثل غيرهم من قوى عربية واسلامية كبيرة، لاقدرة لهم فرادى، على حل مشكلة غزة. مشكلة الاتراك ان دم شهداءهم كان ضاغطا بشدة، من اجل اتخاذ موقف ضد اسرائيل، وهاهي تل ابيب تدفع المال، لتبريد الدم، كما ان انقرة تورطت في شعارات جاذبة للجمهور العربي والاسلامي، من باب استقطاب الشعبية، والواضح هنا، انهم في ظل معادلات عربية واسلامية ودولية غير قادرين على المضي قدما في مواقفهم المشهرة، وخروجهم من كلفة التضامن مع غزة، يعود الى اعتبارات ذاتية، تتعلق بوضعهم، وقد لايهمهم كثيرا من يعتب عليهم في هذه اللحظة. الذين يناهضون الاتراك، شامتين بأنقرة، باعتبار ان الاتفاقية تثبت ان لاغنى للاتراك عن اسرائيل، لكن القراءة الموضوعية للاتفاق تثبت امرا اخرا، يقول ان تركيا بدأت تعيد التموضع في المنطقة والعالم، ايا كان الخاسر من ذلك، ففي النهاية، مصلحة تركيا، فوق مصلحة اي طرف اخر، ولاعزاء للذين كانوا يراهنون على الاتراك او غيرهم من قوى عربية واسلامية، فدائما تثبت الاحداث، ان الدول تتخلى عن اشخاص او مجموعات او شعارات او دول، حينما يكون ذلك اكثر منفعة.
(الدستور 2016-06-29)