عن اعتذارات أردوغان وتراجعاته
هنا عشرون ملاحظة حول الأداء السياسي لأردوغان خلال السنوات الأخيرة في ضوء مواقفه اللافتة مؤخرا (التطبيع مع الكيان الصهيوني ومع روسيا): 1- تنازلان صعبان قدمهما أردوغان خلال أيام، وكلاهما نتاج أخطاء سابقة. الأول تنازله بتطبيع مع الصهاينة، والثاني اعتذاره لبوتين عن إسقاط الطائرة. 2- إسقاط الطائرة كان خطأ، ثم إدارة الورطة بعد ذلك، لأن دولة كبرى في حالة صعود كما يعتقد جنرالها، لم تكن لتقبل إهانة من هذا اللون الثقيل. 3- في السنوات الأخيرة مال أردوغان إلى خطاب عقائدي ومواقف حدية لا يمكنه احتمال تبعاتها، وها هو يجني نتاج ذلك، بتقديم تنازلات تضر بمصداقيته. 4- أردوغان ليس كبوتين، أو أي حاكم عربي، فهو يقود بلدا منقسما، وسيطرته على الجيش مشكوك فيها، ولهذا تأثير كبير على صناعة القرار. 5- في قصة الكيان الصهيوني؛ ورث أردوغان عضوية في الناتو، وعلاقة متينة جدا مع الكيان، وحين صعّد في قصة سفينة مرمرة، لم يأخذ ذلك في الحسبان. 6- الكيان ليس دولة وحسب. هو لوبي ضخم يوجّه سياسات دول كبرى، والتصعيد معه كان يجب أن يكون محسوبا بطريقة أدق. 7- دعم الشعب الفلسطيني له طرائق شتى أفضل من الخطابة، وكان بوسعه أن يدعم من دون خطابة وتصعيد لا يحتمله وضعه الهش داخليا وخارجيا. 8- السياسة مصالح ومفاسد، وقليل دائم خير من كثير منقطع، ودلالة خطأ السياسة هي التراجع المخزي عنها، كما حصل في اتفاق التطبيع الأخير. 9- وقف العلاقة مع كيان العدو كان واجبا، لأنها علاقة مُدانة، لكن التخلص من علاقة متينة كان يتطلب إدارة ذكية وعملية تدريجية، بدل تصعيد غير مدروس ثم تراجع وانبطاح. 10- مكاسب العدو من اتفاق التطبيع أكبر من مكاسب تركيا، أما غزة فلم تربح سوى أشياء هامشية قد يتم التراجع عنها لاحقا. وتبقى قضية فلسطين، وهي خاسرة في هذه اللعبة. 11- مع ذلك؛ أي تطبيع عربي أو إسلامي مع إسرائيل مرفوض ومدان؛ ولو كان ثمنه رفع الحصار عن غزة، فضلا عما دون ذلك. قضية فلسطين أكبر من حصار القطاع. 12- في الملف المصري أخطأ أردوغان، وكان بوسعه أن يأخذ الموقف الأخلاقي الأولي من النظام، ثم يوقف التصعيد مع نظام مستقر لأكبر دولة عربية؛ يدعمه العالم أجمع. 13- عدم التصعيد، فضلا عن التطبيع، مع نظام انقلابي عربي، وتاريخنا مليء بالانقلابات، وهذا ليس أولها ولا آخرها، أفضل من الاضطرار للذهاب إلى الصهاينة. 14- في الملف السوري كان موقف أردوغان مزيجا من العقائدية والبراغماتية، لكن الملف كان أكثر تعقيدا من قدرته على إنجاز أي حسم، وهذه قصة طويلة. 15- السياسة بل ترحم أحدا. إذا أخطأت فستجني نتاج أخطائك، وها هو (أردوغان) يجني ثمار أخطائه، ويذهب نحو توجهات تؤثر على مصداقيته. 16- معضلة الإسلاميين عموما، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار أنهم يتجاهلون في كثير من الأحيان موازين القوى وتقديرها بدقة، فيصطدمون بالجدار المسدود. 17- من يقرأ سيرة نبينا، سيجد إدارة بالغة الحكمة والذكاء في صياغة التحالفات والتقدم والتوقف. هذه السيرة تستحق قراءة أعمق من كل الإسلاميين. 18- ضربة مطار اسطنبول كانت إجرامية وقاسية، وهي تتطلب تعزيز الإجراءات الأمنية، مع تدقيق أكثر عمقا ودقة لكل خطوة سياسية تالية. 19- هناك فوضى في المشهد الدولي والإقليمي والعربي، ولا أحد يدري إلى أين تمضي الأوضاع، لكن حريق المنطقة يجب أن يتوقف. 20- عندما ينتهي الحريق بتفاهم بين محاوره، ستتوقف مكاسب الصهاينة، وسيكون بالإمكان التفاهم بين المحاور العربية والإسلامية على مسار جديد.
(الدستور 2016-07-03)