لكل جيل غربال!
لو تذكر ابناء جيلنا على اختلاف المهن التي يمارسونها من كانوا يقاسمونهم مقاعد الدراسة عبر مختلف مراحلها، لوجدوا ان الزمن لم يباعد بينهم فقط، بل غربلهم وباستثناء من رحلوا فان من تبقوا على قيد الحياة بمعناها الدقيق وليس على قيد العيش فقط اقل من القليل، فثمة من عادوا من اول الطريق عندما تعثروا بوعورته مقابل اخرين اوغلوا قليلا لكنهم سرعان ما استداروا على اعقابهم، وحين نتحدث عن رجال ونساء من مشاهير التاريخ غالبا ما ننسى ان هناك من ولدوا معهم وربما في اليوم ذاته، وقاسموهم مقاعد الدراسة ايضا، لكن لا احد يذكرهم، لأنهم لم يمهروا الارض التي ولدوا فيها بتواقيعهم، ولم يتركوا اثرا يشهد على وجودهم وعبورهم للزمن . لا شك ان هناك عوامل عديدة ومنها ما هو حاسم في تقرير مصائرنا كبشر، وان كانت الارادة هي التي تلعب دور البطولة في هذه الدراما الانسانية . ومن جمعت بينهم المدارس والكليات لبضع سنين فرقتهم الحياة بشجونها وشعابها لهذا علق كاتب فرنسي على ثورة مايو 1968 والتي عرفت بثورة الطلاب والشباب قائلا انها لن تدوم، لأن الطلبة ما ان يتخرجوا في كلياتهم حتى يعودوا الى مواقعهم الاجتماعية والطبقية، اما المفارقة في غربال الاجيال فهي ان المغمورين من ابناء جيل معيّن يتذكرون جيدا من اشتهر منهم، ومنهم من ينصفه حين يتحدث عن نبوغه المبكر لكن هناك من يحاولون الثأر لأنفسهم بابتكار حكايات عن زملائهم القدامى، بهدف التقليل من شأنهم، والسايكولوجيا العربية للاسف تتيح مثل هذه الثأرية . ولو كان اي عالم او رئيس او فنان من العصاميين الذين اجترحوا طريقهم بارادة فذة منا نحن العرب لوجد من يعيّره بما كان او بما كانت امه او بما كان يعمل والده! كم هو قاس غربال الاجيال خصوصا لمن لم يعمل حسابه!!
(الدستور 2016-07-04)