ثرثرة في صباح يوم عربي

تم نشره الإثنين 04 تمّوز / يوليو 2016 01:16 صباحاً
ثرثرة في صباح يوم عربي
محمد كعوش

استيقظ في الصباح على رائحة الدم العربي تنبعث عبر شاشة الفضائيات ، في موسم الموت المجاني الذي اصبح عادة يومية ، حيث لم يعد القتل الجماعي يثير الاستغراب أوالغضب أو الحزن. في البداية اغبط الذين رحلوا في وقت طويل مضى لأنهم ودعونا قبل اللحظة الراهنة ، ولم يمروا بالتجربة المرة ، أو يروا ما نرى ونعاني من انهيار عام لدرجة الصدمة في ظل تحالفات تشبه الخرافة ، ولا يقبلها العقل ، واغبطهم لأنهم رحلوا وفي مخيلاتهم شيء من الامل والتفاؤل والحلم وانتظار ما هو افضل لهذه الامة.

وفي صباح كل يوم اشكر الله ، لأن امتنا لم تصل الى قاع الهاوية حتى الآن ، رغم هذا الانهيار الذي يشي بأن الاجندة العربية تحمل ما هو اسوأ في هذا المنعطف الوجودي التاريخي ، بل ارى التاريخ يسخر من هذا المنعطف ، ومن الصمت الشامل الذي اصبح تقليدا وعادة ، وقد يصبح عيدا وطنيا عربيا ( يوم الصمت ) نحتفل به في ذكرى تأسيس جامعة الدول العربية التي اصبحت مهمشة وصامتة خارج اللعبة.

وفي الصباح ، وفي خضم هذه الفوضى ، أتساءل يوميا: كيف نواجه ما حولنا من نار وحصار وكارثة ؟!

قبل فترة ، قرات في الشريط الاخباري على شاشة احدى الفضائيات ان وزير الخارجية الروسية لافروف تباحث هاتفيا مع وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيرى في التعاون لمحاربة داعش والتصدي للارهاب في سوريا. اتساءل كيف سيتم التنسيق بين فريقين ، الاول يدعم الدولة السورية جيشا ونظاما وشعبا ، والثاني يدعم الفصائل التي تقاتل الدولة وتسعى الى تقسيمها ، وتحارب النظام وتسعى الى اسقاطه ؟!

الحقيقة أن هذا الحراك الدبلوماسي والسياسي ، الذي يهدف الى حماية مصالح الدول الكبرى التي تقرر مصير ومستقبل الدول والشعوب ، دون اشراكها في صياغة مستقبلها ، أوايجاد الحلول المقبولة لمشكلاتها ، يزيد المشهد غموضا وتعقيدا ، في غياب القرار السيادي العربي. وهي ليست المرة الاولى ، ولن تكون الاخيرة ، التي تدعو فيها موسكو لمثل هذا التنسيق او التعاون مع واشنطن ، من اجل حل الازمة في سوريا سياسيا ، ولكن هناك من يعرف نوايا واشنطن ، وهو معها طبعا ، فيسعى الى عرقلة الجهود السياسية ، وبالتالي نسف كل الحلول باستثناء الحل العسكري ، من اجل استمرار القتال والعنف والفوضى.

امام هذا المشهد ، لا أحد يستطيع ادعاء عدم الفهم ، فالمسالة واضحة ، لأنه بعد احتلال العراق مباشرة ، وقبل ان يبرد السلاح ، وتصمت المدافع ، ويتوقف هدير الطائرات وضجيج محركات الدبابات الاميركية ، تمت الدعوة لعقد مؤتمر مدريد تحت عنوان حل قضية الشعب الفلسطيني ، وانهاء الاحتلال الاسرائيلي.

والثابت أن كل الحروب المشتعلة في قلب وجوانب الوطن العربي ، وعمليات تصدير الارهاب الى كل الجهات في العالم ، هدفها الدعوة الى عقد مؤتمر دولي للسلام لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي ، تحت عنوان حل ، اوتسوية ، أو تصفية القضية الفلسطينية !! والكل يعرف ان اتفاقية اوسلو كانت عبارة عن ( جوز فارغ ) لأنها لم تحل القضية بل زادتها تعقيدا.

وبمناسبة ذكر القضية الفلسطينية ، تجدر الاشارة الى تقرير اللجنة الرباعية الذي يضع القاتل والضحية في سلة واحدة ، بحجة ان السلطة الفلسطينية تحرض على الارهاب ولا تدينه ، والحقيقة انه لا يوجد احسن من هذه السلطة المسالمة التي تنسق امنيا مع الاحتلال وتحت الاحتلال. الذين يعيشون في الداخل يعرفون أن اسرائيل ما زالت تحتل الاراضي الفلسطينية كلها « من الفها الى جيمها « ، حتى رام الله تحت الاحتلال. وهذا يعني أن الحكومة الاسرائيلية اليمينية لا تريد السلام ولا تلتزم او تحترم المعاهدات.

في الختام اقول ، قبل فترة قرأت سيرة كاتب ومفكر وفنان وسياسي من الفيلبين اسمه خوسيه ريزال. هذا الكاتب اصبح رمزا وطنيا لشعب الفيلبين لأنه قاوم الاحتلال الاسباني لبلاده وتم اعدامه رميا بالرصاص قبل 120 عاما. هذا المناضل قال عبارة مهمة :» ما بني على الرمال سينهار عاجلا ام آجلا «. وهذا يعني أن المعاهدات والاتفاقات التي لا تحقق حلولا عادلة لقضايا الشعوب ستنهار وتتلاشى ، ولن تحقق الاستقرار والسلام ، لأنها بنيت على الرمال والوهم.

(الرأي 2016-07-04)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات