خطايا الازمة السورية
بعض دول الجوار السوري، استقبلت السوريين الهاربين من الموت، لغاية محددة، ظاهرها انساني، وباطنها للمساعدة في تقويض نظام الاسد، عبر تصنيع مشكلة لاجئين سوريين، باعتبارها اداة ضغط على النظام. هذه هي الحقيقة التي يتعامى عنها كثيرون، والكل يتغطى بالعنوان الانساني، وهو على صحته، الا انه لم يكن وراء القرار الاساس باستقبال السوريين في كل دول الجوار، وليس ادل على ذلك من رفض بعض الدول لاستقبال جنسيات اخرى، كانت تعيش في سورية، ولو كانت القصة انسانية صرفة، لتم ادخالهم، لكنه تسييس الموت، مع الاغراء غير المباشر للسوريين للخروج، عبر مساعدات الفترة الاولى، والتعهدات بظروف احسن، حتى وعود حل المشكلة السورية، والمطلوب كان فقط راس النظام السوري، حتى لو تحول الشعب السوري الى حطب في هذه المواقد. انطلت الخدعة على السوريين، فوق ان ظروفهم الميدانية كانت سيئة جدا، وتدفع ايضا باتجاه الهجرة، وكانت صور مخيمات السوريين في كل مكان، وسيلة يتم توظيفها لتدمير الدولة السورية، وليس لانصاف السوريين، ولو كانت هناك نية لانصافهم، لتم حسم الحرب مبكرا، ولتم ايضا، اقامة مناطق آمنة داخل سورية، بدلا من تهجير السوريين. الدول التي استقبلت السوريين، كانت ضمن المخطط، بعلمها او بجهلها، فهي استقبلت السوريين تحت عناوين انسانية، لكنها متروكة اليوم لمصيرها، وحيدة، والاردن مثلا، استقبل اكثر من مليون ونصف المليون سوري، ولااحد يدفع له اليوم، عشر كلفة ايواء السوريين، ولا شراكتهم في الاقتصاد، ولاضغطهم على الموارد، وبدلا من محاسبة الجهات التي اغرت السوريين على الخروج، ونثرت الوعود للداخل الاردني، بان كل هذا اللجوء مغطى ماليا، من جهات عربية ودولية، يتم استبدال هذه الحسابات بحملات كراهية وتجييش ضد السوريين انفسهم، وهذا تعبير غرائزي، نريد ان نقنع انفسنا انه البديل عن نقد السياسات الرسمية التي تورطت بفتح الابواب للسوريين، طمعا بتغطية مالية دولية، او لغايات الضغط على النظام السوري، باعتباره قام بتشريد شعبه في كل مكان. دعونا لمرة واحدة فقط، نتحدث بعقل وازن، ونشخص هذه المشكلة، بدلا من التراشق بالاتهامات، فبعض الدول التي كانت تنتظر سقوط الاسد، وفتحت بواباتها للسوريين في سياقات انسانية، واعماقها سياسي بحت، للتسريع بهدم النظام وتصنيع طوائف سورية لاجئة، تعاني اليوم بشدة، وقد انقلب الامر عليها، فتحولت هذه المشاكل، الى مشاكل محلية، بدلا من ان تكون مشكلة لنظام الاسد، والادهى والامر ان كل الدول الراعية والمشعلة للازمة السورية، والمشجعة لدول الجوار على استقبال الاشقاء، نكثت بوعودها، وتركت الاردن وغيره، دون مساعدة، وليس ادل على ذلك على طبول مؤتمر لندن الذي بشرتمونا به، وبملياراته التي لم تات. مايمكن قوله اليوم بكل بساطة ان دمشق الرسمية، قلبت البساط على من حواليها، فالطوائف السورية المهاجرة والهاربة من الموت، لم تستطع ان تصبح عنصر ضغط على النظام السوري، بل باتت عنصر ضغط على دول الجوار، والدول التي شجعت السوريين على الهجرة، لتحريضهم، تركتهم جوعى في المخيمات وغيرها وبلا مساعدات، والدول التي تورطت بالعنوان الانساني الذي يخفي عنوانا سياسيا غير معلن، غرقت باحمالها الامنية والمالية جراء هذه الهجرات، والاخطر من كل هذا ان تصنيع التنظيمات ضد دمشق الرسمية، اثمر ايضا تمددا لهذه التنظيمات نحو كل الجهات، ويالها من مفارقة. هذا مايمكن قوله، بكل وضوح واختصار.
(الدستور 2016-07-10)