التدخل في السوق المالي
مستوى النشاط في السوق المالي يعكس مستوى النشاط في الاقتصاد الوطني وتوقعات النمو والثقة بالاستقرار ، وبالتالي فإن الوضع الحالي في السوق المالي طبيعي ، وأي تدخل مصطنع قد يؤدي لعكس الأهداف المنشودة.
الوضع في سوق عمان المالي طبيعي ليس فقط لأنه مرآة للنشاط في الاقتصاد الوطني ، بل أيضاً لان مؤشراته طبيعية وصحية إلى درجة بعيدة.
تشير أرقام سوق عمان المالي إلى أن سعر السهم يعادل 16 مرة حصته من الأرباح ، علماً بأن مضاعف السعر في الاحوال الطبيعية يقع بين 14 إلى 16 مرة.
والعائد على الاستثمار في الأسهم الأردنية يتراوح في المتوسط حول 4% من السعر الجاري ، أي أعلى من سعر الفائدة المصرفية على الودائع لأجل ، وهذا أيضاً وضع طبيعي لا يستوجب التدخل.
أما أرباح الشركات المدرجة فتبلغ في المتوسط 25ر6% من القيمة السوقية. وهي تحتفظ منها بأكثر من ثلثها لتغذية الاحتياطات الإجبارية والاختيارية والأرباح المدورة ، وكل هذا حسن ، طبيعي وصحي ولا يستدعي أي نوع من التدخل.
هذه هي الصورة العامة ، لكنها لا تنطبق على جميع الشركات ، فهناك شركات خاسرة بسبب سوء الإدارة أو الظروف غير الطبيعية ، وهناك شركات تحقق وتوزع أرباحاً أعلى من المتوسطات المشار إليها أعلاه.
إذا كان الأمر كذلك فلماذا تفكر الحكومة باتخاذ إجراءات (للنهوض بالسوق المالي) والخروج على قاعدة العرض والطلب التي تميز الأسواق المالية الحرة في العالم.
الإجراءات التي قد تخطر ببال الحكومة لها نتائج سلبية ومن أمثلة ذلك إغراء البنوك بالتوسع في منح التسهيلات لتمويل شراء الأسهم ، أي تمويل المضاربة بالأسهم ، والضغط على مؤسسة الضمان الاجتماعي لدخول السوق مشترية بصرف النظر عن الاعتبارات الاستثمارية الحصيفة ، وجر البنك المركزي للقيام بإجراءات لا تنسجم مع أحسن الممارسات العالمية.
أما تحويل سوق عمان المالي من مؤسسة بقانون ، إلى شركة تملكها الحكومة ، فلا يرفع الأسعار ولا يخفضها ، علماً بأن التجربة العملية دلت على ان معظم ، إن لم يكن كل الشركات التي تملكها وتديرها الحكومة لا تبشر بالخير.
السوق المالي بجب أن يكون ويظل حراً ، تحكمه الظروف الاقتصادية العامة وعوامل العرض والطلب ، وأي تدخل مصطنع يلحق الضرر بالسوق والاقتصاد الوطني.
أفضل إجراء تتخذه الحكومة تجاه السوق المالي هو أن تكف يدها.
(الرأي 2016-07-13)