هل ستتراجع عمّان عن الانتخابات النيابية؟!
تتسرب التحليلات حول ان الانتخابات النيابية قد تؤجل لاعتبارات كثيرة، كلها تتحدث عن عدم تفهم طبيعة القانون الجديد من الناخبين والمخاوف من انخفاض نسبة الاقبال على الانتخابات. تأجيل الانتخابات النيابية، اذا ماتم، لن يكون لاسباب محلية بحتة، بل سيكون لسببين، اولهما الظرف الاقليمي واحتمال توسع الصراع السوري الى مساحات اخرى، فيما السبب الثاني في بعض التقييمات، احتمال حصول الاخوان المسلمين على عدد كبير من المقاعد، توظيفا لغيابهم، وللمظلومية التي يتم عرضها شعبيا، اضافة الى عوامل اقليمية، اقلها شعبية اردوغان الموظفة محليا في سياقات محددة، من جانب الاخوان. لا احد يعرف على وجه الخصوص ما إذا كانت الانتخابات النيابية سوف تؤجل حقا، غير ان موقع «عمون» اثار القضية البارحة، بشكل مباغت، معددا اسبابه لتأجيل الانتخابات. الجهات الراعية للاردن سياسيا في العالم مثل واشنطن ولندن، سعيدة بقانون الانتخابات، وكل المؤشرات تؤكد ان هذه الدول تريد انتخابات نيابية ايضا، لاعتبارات متعددة، اقلها اثبات ان الاردن مستقر، وسط غابة الفوضى. برغم ان الكلام عن انخفاض نسبة الاقبال ليس جديدا، الا ان المراقبين يرون بشكل واضح، ان النسبة ستكون «فضيحة كبرى» اذا جرت الانتخابات، وفي انتخابات سابقة، كانت الجهات الرسمية تقول تبريرا لانخفاض نسب الاقتراع، ان الامر عادي، وتطرح نماذج لدول اخرى، متفوقة ديمقراطيا، كانت نسبة الاقتراع فيها منخفضة ، لكن هذه التبريرات تبقى ساذجة وسطحية ومضحكة ايضا، فلا يجوز اساسا المقارنة مع ديمقراطيات غربية، من باب نسب الاقتراع، والتعامي عن فروقات الاختيار والتفكير والبرامج. تأجيل الانتخابات واعادة البرلمان السابق، كارثة اخرى، فنحن امام خيارين، اسوأ من بعضهما، الاول انتخابات جديدة، بكل مصاعبها، ونتائجها، وقلة الاقبال عليها، ومخاطر التزوير او العبث بنزاهتها، من باب التحوط الرسمي، او العودة الى البرلمان السابق، وهي هنا خطيئة بحد ذاتها، يتمناها كل منتسب للبرلمان السابق، يحلم بالعودة دون تعب. في المعلومات لدى مراكز القرار ان الاخوان المسلمين، لديهم طموح كبير في هذه الانتخابات، ولديهم ايضا قوائم غير معنونة بأسمائهم، ولا يمكن هنا، الا ان تتوقع الجهات الرسمية، حصولهم على عدد ليس سهلا، مع أنه مؤهل منذ اليوم الاول، للصدام، مع مجموعة مرخصة من الاخوان المسلمين، ومؤهلة للفوز- منذ هذه الايام- بالمعيار الرسمي، هذا اضافة الى عودة الاسلاميين الى البرلمان، بشكل قد لايريده كثيرون، مع التقييمات التي تتحدث عن عزم الاخوان غير المرخصين، اعتبار الانتخابات بوابة العودة للحياة السياسية، وبوابة فك الانجماد عن سلبية اكثر من 300 الف ناخب اعتادوا قبل سنين التصويت للاخوان المسلمين، وفي هذه الزاوية حصرا تتوقع الجهات الرسمية تغيرات لصالح ارتفاع نسبة الاقبال، مقابل تدهور النسبة في حاضنات تاريخية لا تصوت حزبيا، خصوصا، في المحافظات، فالخشية غير المعلنة، تتعلق بهذا الاختلال المتوقع حصرا، انخفاض على جبهة غير مطلوب انخفاضها، وارتفاع على جبهة غير مطلوب ارتفاعها!. معنى الكلام، ان هذا هو السبب الوحيد محليا الذي قد يؤجل الانتخابات، فيما السبب الاخر هو سبب محلي- اقليمي، يتعلق باحتمال انفجار الصراع جنوب سورية، الفترة المقبلة، ودخول المنطقة في ظرف جديد يجعل الانتخابات مجرد ترف، لا احد يمتلك الوقت له، ولمتابعته، او حتى التدخل في مجرياته، وهناك الماحات دولية متعددة في هذا الصدد. من المتوقع ان تنفي الجهات الرسمية النية لتأجيل الانتخابات، فهذا سلوك مفهوم حتى اليوم، لكن علينا ان نتوقع كل شيء، وما زال امامنا الوقت لمعرفة الى اين تتجه الامور، لكن بالتأكيد أن طبول المروجين لتأجيل الانتخابات عند مراكز القرار، عالية وقوية ومؤثرة، ولها اعتباراتها، التي قد لا يتوقعها احد، والتي لن تعلن جهارا، وسيتم استبدالها بمبررات اخرى تنفع للتسويق الداخلي، في حال تقرر فعلا تأجيل الانتخابات. تأجيل الانتخابات اذا تم سيكون لسببين فقط، حسابات الدولة مع الاخوان، ودخول المنطقة في حرب اوسع.. وهذان السببان مرجحان الى حد كبير.
(الدستور 2016-08-07)