الحكومة و«الصندوق» والإصلاح الاقتصادي
ليس غريباً أن يعبر صندوق النقد الدولي عن استيائه من التطورات المالية خلال النصف الاول من هذه السنة عن طريق تخفيض القرض المقرر تقديمه للأردن كتسهيلات إئتمانية بمقدار 200 مليون دولار.
مع أن برنامج التصحيح الاقتصادي الجديد لم يبدأ العمل به إلا من أول تموز ، إلا أن ما حدث في النصف الأول من هذه السنة يدل على الاتجاه العام ، ويقيس مدى توفر إرادة الإصلاح لدى الحكومة.
ماذا حدث في النصف الأول من السنة؟ ارتفع عجز الموازنة قبل المنح وبعدها ، وارتفع حجم الدين العام الإجمالي والصافي ، ولم تظهر الحكومة نية مؤكدة على إجراء الإصلاحات المطلوبة.
نجاح عملية الإصلاح لا يقصد به إدخال السرور إلى قلب الصندوق ، فليس له قلب ، بل يقصد به مصلحة الأردن الأساسية. وإذا كان النصف الأول من السنة ليس جزءاً من البرنامج ، فهذا لا يعني أن يتم التصرف على أنها فرصة للتحرك بحرية قبل أن تبدأ المراقبة والحساب!.
يبدو أن رؤية الحكومة للعملية الإصلاحية تقوم على أساس أنها لعبة شد الحبل ، بين الحكومة والصندوق ، طرف يشد بهذا الاتجاه وهو التساهل وطرف يشد بالاتجاه المقابل ، علماً بأن الإصلاح الحقيقي لا يأتي بالتساهل.
المفروض أن تكون الحكومة الأردنية أكثر حرصاً من الصندوق على إصلاح الأوضاع المالية والاقتصادية ، وبالتالي كان يجب أن تكون الحكومة أكثر حرصاً وتشدداً من الصندوق في تحقيق الخطوات الإصلاحية المطلوبة.
ليس من المفيد توزيع المسؤولية الاقتصادية والمالية بين الحكومة السابقة والحكومة الحالية فالفريق الاقتصادي لم يكد يتغير ، وليس هناك ما يدل على أنه سيغير الاتجاه العام ، فالقاعدة هي الاستمرارية.
في الحالتين فإن الحكومة غير جادة في تسعير الكهرباء والماء بما يضمن استرداد الكلفة وإطفاء الديون المتراكمة ، وتفضل أن يستمر الدعم ويغطى الفرق بالقروض التي بلغ رصيدها الآن 6ر7 مليار دينار أو 30% من المديونية الكلية.
في وقت ما بلغ دعم الكهرباء 2 مليار دينار سنوياً وإذا كان قد هبط الآن فلا يعود الفضل في ذلك إلى قرارات حكومية ، بل إلى انخفاض أسعار البترول عالمياً.
حتى في هذه الحالة لا يبدو أن هناك نية لوقف الهدر ، وقد نجحت الحكومة في تحقيق (إنجاز) مهم هو إقناع الصندوق بتأجيل البدء بسياسة تسعير الكهرباء بالكلفة المتغيرة بانتظار المزيد من ارتفاع أسعار البترول العالمية.
الحكومة أراحت أصحاب الشد العكسي فقامت هي بعملية الشد العكسي فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي.
(الرأي 2016-08-07)