حلب وما تقوله معركتها وما قبلها وبعدها

تم نشره الأحد 07 آب / أغسطس 2016 12:42 صباحاً
حلب وما تقوله معركتها وما قبلها وبعدها
ياسر الزعاترة

الحق أنك لا تجد أكثر سفاهة من شبيحة خامنئي حين يطلقون صيحات الانتصار في سوريا، أو حتى الشماتة بالأطراف الأخرى التي راهنت على إسقاط النظام، من دون أن يتذكروا أن النظام كان برسم السقوط فتدخلت إيران، وحين عجزت، جرى استدعاء دولة كبرى (روسيا) من أجل الإسناد!! ما ينبغي أن نذكّر به هنا هو أن سوريا قضية أخلاقية قبل أن تكون سياسية، وأننا حين وقفنا بجانب الشعب السوري، لم نتعامل بمنطق التجار (من سيربح ومن سيكسب؟)، فقد كنا مع الشعب الثائر بصرف النظر عن نتيجة المعركة. أيا يكن الأمر، فحين تلتقي في سوريا دولة كبرى على المستوى الدولي، مع دولة إقليمية قوية، تستجلب المليشيات من كل الأرض (دعك من نظام أمني طائفي).. حين يلتقي كل أولئك ضد مجاميع مسلحة محاصرة ومعزولة، يتواطأ ضدها العالم أجمع، بما في ذلك أمريكا (التي كانت متآمرة ضد نظام الممانعة سابقا!!)، فإن مجرد عجز كل أولئك عن الحسم يُعد هزيمة كبرى، فضلا عن أن تستمر لعبة المراوحة أو الكر والفر بين المعسكرين. خلال الأيام الماضية وجّهت حلب صفعات قوية للحلف الذي قاتل الشعب السوري، وذلك قبل أن يصحو من سكرة احتفالاته بإعلان إكمال الطوق حول حلب، ومن ثم اقتراب الانتصار فيها، وكان نصيب بوتين من الصفعات قويا حين أسقطت طائرته وقتل ملاحوها الخمسة، وتم بث صورهم على الملأ. في مواجهة ذلك، انشغلت وسائل إعلام التابعية الإيرانية في إحصاء عدد قتلى الفصائل السورية (شهداء بإذن الله)، من دون أن تتذكر أعداد قتلاها التي كانت الفيديوهات توثق جثث العشرات منهم أمام الثوار في مناطق عدة. ما يعنينا في هذه القصة هو دلالتها السياسية، لأن قضية الأخلاق لا تعني أولئك بحال، فمن يهتف للحسين ويقاتل مع يزيد ليس معنيا بالأخلاق، من يدّعي القومية، ويقف جانب من يتبجحون بالسيطرة على أربع عواصم عربية، لا يستحق النقاش، ومن يقول إنه يساري ثوري، ثم يقف بجانب طاغية فاسد ضد شعب ثائر، لا يمت إلى الأخلاق بصلة. ما يعنينا هي الدلالة السياسية، فهنا لا زال خامنئي يعيش أوهام الحسم العسكري، وبالطبع لأن سوريا هي عنوان مشروع التمدد الذي طارده زمنا طويلا، ودفع فيه ثروات الشعب الإيراني، وفشله سيكون فضيحة أمام الشعب، وقد يمنح الإصلاحيين دفعات أكبر نحو السيطرة على السلطة. في المقابل يبدو بوتين أكثر تواضعا، وهو يراهن على تغيير ميزان القوى لأجل حل سياسي، وهو يخشى التورط الطويل الذي يدرك أن أمريكا تتمناه له. من هنا يمكن القول إن هجوم الثوار المضاد، وما حققه من إنجازات، حتى لو تكتمل إلى الآن، قد أفسد فرحة القوم وهياجهم، وذكّرهم أن القصة طويلة، وأن الحسم العسكري وهمْ، لكنهم لن يتوقفوا كما يبدو، إذ لا زال بينهم وبين الصحوة، وتجرّع كأس السمّ، زمنا يصعب الجزم بمداه.

(الدستور  2016-08-07)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات