مطعون في مصداقيتها !
تقول دراسة اعدها مركز الماني ان عدد المقاتلين العرب والاجانب الذين حاربوا في سورية بلغ 360 الف مقاتل بالتناوب، اي لم يجتمعوا في وقت واحد، من بينهم 4000 الاف اردني، واكثر من 20000 سعودي، اضافة الى كل الجنسيات العربية. الارقام تحمل مبالغة، لان رموز السلفية الجهادية في الاردن كانوا يتحدثون عن 2500 مقاتل اردني في احسن الاحوال في سورية والعراق معا، لكن دراسة مركز الدراسات الألماني ‹›››فيريل›››› تتحدث عن 4000 من بينهم 1990 قتيل و 265 مفقود. لايمكن لاي مركز دراسات مهما بلغت قدراته الميدانية ومصادره الاستخبارية ان يقدم عددا بهذه الطريقة، فذات العائلات الاردنية التي ذهب ابناؤها للقتال لايعرفون عن هذه الاعداد وتحديدا اعداد القتلى، فكيف قام المركز بتحديد عدد القتلى من بينهم، وعدد المفقودين بهذه البساطة، والوقوع في فخ الارقام، ينسف الدراسة من اساسها. تميل دراسة مركز «فيريل» للمبالغة للقول ضمنيا ان مقاتلين بهذا العدد الضخم من كل دول العالم، لم يستطيعوا قهر الجيش السوري، وهو يريد ان يثبت ايضا ان الصراع بات عالميا، وان سورية اصبحت محطة لتجميع المقاتلين من كل دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة واوروبا، في ايحاء ان العالم يسهل للمقاتلين الوصول للخلاص منهم على الارض السورية، بدلا من بقائهم خطرا في تلك الدول، فوق صراع العواصم بالوكالة في سورية. تقول الدراسة ان عدد القتلى الأكبر بين هؤلاء المقاتلي نيعود للجنسية السعودية،مشيرة إلى أن 24500مقاتل سعودي شارك في القتال بسورية،قتل منهم 5990، وبالنسبة لعدد النساء الاجنبيات في سورية، قالت الدراسة ان تونس ماتزال الأولى في هذا السياق،نظرا لأن 180 امرأة ومراهقة تونسية شاركت بجهاد النكاح،وفقا للتقرير،وان45 منهن قتلن، كما ان العام 2015 شهد ارتفاعا كبير افي اعداد المقاتلين الاسلاميين القادمين من دول وسط اسيا الى سورية. ارقام السعوديين ايضا تحمل مبالغة، كما ان الاشارة الى «جهاد النكاح» ينسف الدراسة، فهي فرية استعملت لتشويه سمعة التنظيمات المتشددة، اذ لايوجد في الاسلام اساسا شيء اسمه جهاد النكاح، والاغلب ان التونسيات ذهبن مع ازواجهن، او للقتال، او تزوجن هناك، ولايصير مقبولا من دراسة علمية ان تتورط في مصطلح غير قائم دينيا، وتم اطلاقه ضمن الحرب على التطرف والارهاب، لتشويه سمعته، فالتطرف اساسا ليس بحاجة لحرب سمعة من هذا القبيل، امام جرائمه الاخرى التي يرتكبها وعليها ادلة. تقول الدراسة ان عدد المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون الجيش السوري حالياً،هم 90 ألف مقاتل في سورية،وأن الجزء الأكبرمنهم في صفوف ‹›››داعش›››› وجبهةالنصرة،أما عدد المقاتلين الذين يحملون جنسيات أوروبية وأميركية،فبلغ 21500،عادمنهم 8500 فقط،إلى دولهم. هناك استخلاصات غير مباشرة يراد تثبيتها عبر الدراسة، ابرزها عدم الحديث عن عدد المقاتلين السوريين، ثم اثبات ان مواطنين غير سوريين هم من يتسببون بهذه الحرب، من كل جنسيات العالم، اضافة الى الايحاء ان دولا عربية محددة تسهل لمواطنيها الذهاب للقتال وتحديدا الاردن والسعودية، ونهاية ان الفوضى الحالية تدار عبر الخارج، بواسطة تمويل عشرات الاف المقاتلين غير السوريين، والارجح ان لعبة الارقام هنا، مقصود بها الشعب السوري حصرا، للقول له، ان شعوب وانظمة العالم تتلاعب بمستقبله، اضافة الى الرسائل السياسية المتضمنة اتهامات للعرب والغرب باستهداف النظام السوري. لايمكن عبر هذه الزوايا كلها، اضافة الى استحالة صدقية الارقام، حتى لو كان صاحب الدراسة يعد القتلى والجرحى والمفقودين، شخصيا، وهذا كله يطعن بصدقية الدراسة.
(الدستور 2016-08-10)