المواقف المركبة في عالم السياسة

تم نشره الأربعاء 10 آب / أغسطس 2016 12:35 صباحاً
المواقف المركبة في عالم السياسة
ياسر الزعاترة

يخرج عليك كثيرون بين حين وآخر، ليتحدثوا عن وقوفك؛ وأنت المنحاز لربيع العرب وخيارات الشعوب، وفي مقدمتها خيار المقاومة والحرية والتحرر.. وقوفك بجانب من كانوا ضد ربيع العرب، وفي سياقات أخرى ضد من يزعمون أنهم مع خيار المقاومة، لكأن الأمر ينطوي على تناقض. لا يسأل أولئك أنفسهم في المقابل؛ كيف يمكن لقاسم سليماني أن يدير المعارك في الفلوجة إلى جانب الطيران الأمريكي، ولا لتآمر أمريكا ذاتها على الثورة السورية التي يقفون ضدها، ولا يسألون عن تمجيدهم لبوتين؛ عضو الرباعية الدولية ذات الموقف المعروف من المقاومة (من ساهم في تعديل تقرير الرباعية الأخير لصالح الصهاينة باعترافهم)، وهو ذاته صاحب العلاقة الحميمة مع نتنياهو، ولا يسألون كيف تحوّل أمثال المالكي ممن جاؤوا على ظهر دبابة المحتل إلى مقاومين، ولا كيف تحوّل علي عبد الله صالح إلى مقاوم أيضا، ولا تسأل بعد ذلك عن اصطفافهم إلى جانب انقلاب، ومن ثم نظام له كل تلك العلاقة الحميمة مع الكيان الصهيوني، والآن يعلنها على نحو أكثر وضوحا، وقبل ذلك وبعده أسئلة كثيرة يعجزون عن الإجابة عليها، بخاصة إذا ذهبت نحو تناقضات الأيديولوجيا، إن كان في شقها المذهبي (يهتفون للحسين ويقاتلون مع يزيد)، أم في شقها القومي (يطبلون لنظام إيراني يتبجح باحتلال أربع عواصم عربية)، أم في شقها اليساري، وحيث يطبل بعضهم لنظام إمبريالي (بنكهة دينية طائفية) في روسيا، كأن قائده هو غيفارا. على أن إجابتنا على السؤال الذي بدأنا به ليست معضلة بأي حال، فنحن لم ولن نمجّد أيا من الأنظمة. هذا من حيث المبدأ. أما وقوفنا بجانب من كنا ضد سياساتهم سابقا، فمرده إلى أن السياسة أولويات، وحين يكون هناك شعب في سوريا وفي اليمن، وفئة مهمة في العراق تحرقها نيران الحقد الطائفي، فمن الطبيعي أن نكون في الجبهة التي تنصرها، بخاصة أنها مستهدفة من قبل كل أعداء الأمة الكبار، وإن بدا الأمر محايدا في اليمن لأسباب معروفة. إننا مع غالبية الأمة التي تتعرض لعدوان سافر بنكهة طائفية مفضوحة. عدوان يستعيد ثارات التاريخ على نحو مجنون وهستيري، وكل محاولاته لإخفاء ذلك تبوء بالفشل، وهو عدوان لم يفعل سوى أن أشعل حريقا في المنطقة صبّ لصالح العدو الصهيوني وكل أعداء الأمة. إنها معركة مفروضة، لم يكن بوسعنا سوى أن نصطف معها، ولم نتردد لحظة واحدة، فالأخلاق عندنا أصلا تسبق السياسة، وحين خرج الشعب السوري دون أن يستشير أحدا ضد نظام أمني طائفي، ومكث يبذل الدم في الشوارع ستة شهور دون رصاصة واحدة، لم يكن أمام كل من ينتصرون للأخلاق والقيم سوى أن يقفوا معه، بصرف النظر عن ميزان القوى ومن سينتصر وكيف سينتصر؟ أليس هذا هو منطق الحسين الذي كانت هزيمته المادية أمام يزيد واضحة، لكن الحق بقي حقا والباطل باطلا؟! مرة أخرى، نحن مع غالبية الأمة التي تواجه عدوانا سافرا، وسترد العدوان، مهما كان الثمن، وسيعود المعتدون إلى رشدهم بعد أن تصطدم رؤوسهم بالجدار المسدود. وهي اصطدمت، لكنهم لا يزالون يكابرون، وعندها سيعود الوضع إلى طبيعته، وتعود الشعوب إلى حراكها ومطالبها من جديد، ومن يعتقد أن الأشواق التي عبّر عنها ربيع العرب قد دُفنت، فهو واهمٌ، ولم يقرأ تجارب الشعوب.

(الدستور 2016-08-10)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات