سائقو عجلات الموت

تم نشره الخميس 11 آب / أغسطس 2016 12:23 صباحاً
سائقو عجلات الموت
إبراهيم غرايبة

"تَهِيجُ الْمَرْكَبَاتُ فِي الأَزِقَّةِ. تَتَرَاكَضُ فِي السَّاحَاتِ. مَنْظَرُهَا كَمَصَابِيحَ. تَجْرِي كَالْبُرُوقِ" (سفر ناحوم - التوراة).

يقدم كتاب "سائقو عجلات الموت أو القيادة اللااجتماعية للسيارات"، تأليف روبرت ر. روس ودانيال هـ. انتونيوس، وترجمة أحمد عيد مراد، فرصة جيدة لفهم الظاهرة ودراستها. وفي الكتاب معالجات طريفة للظاهرة من حيث ارتباطها بحركة السير والنقل وأنظمتها، وعلم النفس وعلم الجريمة.

لقد تطورت أنظمة النقل -مثل القيادة الذاتية للسيارات، واستخدام الحزام والأكياس الهوائية، وتصميم السيارات وأجهزة التنبيه والمكابح والأجهزة الالكترونية متعددة الأغراض- لدرجة أن السيارات المطورة تمتنع عن الاستجابة والتشغيل إذا كانت نسبة الكحول في دم السائق تفوق الحد المسموح به. كما تحسين الطرق وتصميمها، وتطوير أنظمة المراقبة الأمنية. وبالطبع، فإن مهارات القيادة، والمعرفة بالأنظمة والقواعد، ضرورية؛ ولا يمكن منع أو تخفيف الحوادث من دونها. وقد يكون تدريس مهارات وقوانين المرور للمشاة والسائقين ضروريا في المناهج الدراسية والتعليمية، واعتبارها من مهارات الحياة الضرورية لكل مواطن. لكن تظل المشكلة الثقافية والاجتماعية مسؤولة عن معظم حوادث وأزمات المرور؛ فالدراسات تظهر أن 90 % من حوادث المرور سببها أخطاء السائقين وانتهاكهم لقواعد وأنظمة القيادة.

يشير بعض الباحثين إلى أن كثيراً من السائقين يشعرون وهم في سياراتهم بأنهم في خلوة. وبذلك، فإن قيادة السيارات تعكس العقل الباطن؛ فالإنسان في سيارته يشعر بقدر من الحرية والخصوصية تجعله يتصرف على سجيته، وكما يملي عليه وعيه أو عقله الباطن. ويبدو أن الحل الأمثل لأزمات القيادة وحوادث المرور هو أن يعيد الإنسان، كل إنسان، تشكيل نفسه على نحو يجعل باطنه مثل ظاهره، وان يكون باطنه متسامحا ولا يدع مجالا لطاقة أو مشاعر سلبية أن تبقى في جوفه. والحال أن كثيرا من المواقف والإشارات ولغة الجسد تعكس العقل الباطن، وتظهر لاوعي الإنسان أو ما يكتمه "وإن خالها تخفى على الناس".

ومن الملفت أن بعض الناس (وهذه ليست ظاهرة أردنية) يتصرفون على نحو بالغ اللياقة والدماثة في حياتهم اليومية، ولكنهم يسوقون سياراتهم بطريقة لااجتماعية، ويتخلون عن القواعد والآداب الاجتماعية التي تحكم علاقاتهم بمن حولهم. وفي علم الجريمة، فإن باحثين يربطون بين أسلوب القيادة ونزعات شخصية تشجع على الجريمة، مثل التهور وعدم تقدير المخاطر والعواقب، والميل إلى الإثارة والمغامرة، وعدم الواقعية في التفكير، والمغالاة في تقدير الذات.

وبالطبع، فإن كثيرا من الأخطاء ليست متعمدة حتى عندما تؤدي إلى الحوادث؛ فقيادة السيارات، وبخاصة لفترة طويلة، تتطلب قدرة على التركيز والملاحظات المعقدة والمتعددة في وقت واحد، لكن كما يقول ج. جينكر: "نحن نخطئ لأننا بشر. ولكن إذا نفدت ممحاة القلم قبل رصاصه نكون قد تجاوزنا الحد".

(الغد 2016-08-11)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات