الانتخابات البرلمانية: هدوء ما قبل العاصفة!
لم يعد يفصلنا سوى أقل من أسبوع على الموعد الرسمي الذي يبدأ به تسجيل القوائم المشاركة في الانتخابات البرلمانية. والهدوء الذي يميز هذه الفترة من عمر الانتخابات، مقارنة بالسنوات الماضية، غير معهود، ويثير التساؤلات أو علامات الاستفهام. بالطبع، وحسب القانون، لا يجوز البدء بالحملات الانتخابية قبل الموعد المقرر لها، والذي يبدأ بعد التسجيل الرسمي للقوائم. لكن في الماضي، كان الحراك الانتخابي على المستوى الشعبي يبدأ مبكراً، ويأخذ عادة شكل لقاءات فردية وجماعية لدى الأنصار أو الناخبين المحتملين.
البعض يستنتج من هذا الواقع أن هناك فتوراً شعبياً نحو الانتخابات، أو شعورا بعدم الاهتمام بها، نتيجة لعوامل كثيرة لا داعي لتكرارها هنا. كذلك، تمت الإشارة إلى الصعوبة لدى المرشحين في كثير من الحالات، لتشكيل القوائم الانتخابية؛ لحداثة قانون الانتخاب وعدم وجود تجربة سابقة به لدى العديد من القوى الاجتماعية والسياسية.
بالطبع، لا يمكن استبعاد هذه الاحتمالات. لكن هناك عوامل إضافية تلعب دوراً في هذا السكون.
قد يكون أحد أسباب التكتم والحذر الشديد في الإفصاح عن القوائم والمشاركين فيها، هو أن هناك تخوفا من ردات الفعل السلبية من قبل المرشحين المحتملين على هذه القوائم. فبما أن عددا كبيرا من القوائم تشكل على أسس اجتماعية أو فردية، فهناك تخوف من أن يقوم المنافسون بالعمل على ثني بعض الأفراد أو إحراجهم اجتماعياً، وبالتالي تبدأ المنافسة على المرشحين أنفسهم. هذا ينطبق على الأحزاب التي، من دون استثناء، اعتمدت أيضاً في تشكيلها للقوائم على الخلفيات الاجتماعية والصفات الشخصية للمرشحين، بعكس الترشيح الفردي في ظل القانون السابق، والذي كان من المفيد البدء المبكر في الحملات الانتخابية. بالإضافة لذلك، فإن انهماك المرشحين بتشكيل القوائم وضمان وجود قائمة ينضمون تحت لوائها، تحتل أولوية على إقناع الناخبين بهم في هذه الفترة.
المسألة الثانية مرتبطة بطبيعة قانون الانتخاب، والذي يتطلب حملات انتخابية مختلفة عن الحملات الفردية واللقاءات الشخصية التي يقوم بها المرشحون الفرديون. وهذا سيزيد من صعوبة هذه الحملات التي يفترض أن تتضمن لقاءات عامة، وليس فقط مع أشخاص كما هي الحال في السابق.
يمكن وصف الهدوء الذي يسود الساحة الانتخابية بأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة من الناحية الانتخابية؛ إذ إنه من المتوقع أن نشهد انطلاقة قوية ومكثفة في الحملات الانتخابية مع نهاية الأسبوع المقبل، بعد التسجيل الرسمي للقوائم الانتخابية. جزء من الحملة قد يكون على الأفكار والمواقف والبرامج للقوائم إن وجدت، لكن الجزء الأكبر سيرتبط بمحاولة استمالة الناخبين على أساس الأطر والتحالفات الاجتماعية التي ستبدأ بالتبلور مع بداية الحملات الانتخابية. المنافسة الشخصية والعشائرية ستحتل جزءاً كبيراً من هذه الحملات، وقد تشهد تنافساً إيجابياً، ولكن لا نستطيع أن نستبعد المشاحنات أثناء الحملة الانتخابية.
بانتهاء تسجيل القوائم الانتخابية الأسبوع المقبل، من المتوقع أن نشهد تغيراً في المزاج العام لدى المرشحين والناخبين على حد سواء، وبما سيضفي ديناميكية جديدة في المشهد السياسي نحن بحاجة إليها.
الانتخابات المقبلة تشكل اختباراً للجميع، وعلى رأس القائمة الأحزاب السياسية والمرشحون والهيئة المستقلة للانتخاب، ولكن أيضا ستكون اختباراً للناخبين من حيث المشاركة، أو تحديد الخيارات حول القوائم الانتخابية.
(الغد 2016-08-11)