إلى «المرجئة» ودعاة التأجيل

تم نشره الجمعة 12 آب / أغسطس 2016 12:15 صباحاً
إلى «المرجئة» ودعاة التأجيل
عريب الرنتاوي

دعاة تأجيل الانتخابات ينقسمون إلى فئات ثلاث، تقررها الدوافع الكامنة وراء مطالب «المرجئة» ... الأولى؛ وتتكون من خصوم الإصلاح وكارهيه، أو من يطلق عليهم عادة «قوى الشد العكسي»، هؤلاء ضد أي انتخابات من أي نوع، وربما يتمنون في سرائرهم العودة إلى مرحلة الأحكام العرفية. الثانية؛وتتمثل في بعضٍ من «بقايا» الطبقة السياسية من الذين استشعروا صعوبة تشكيل القوائم، وأدركوا بعد توسيع الدائرة الانتخابية واعتماد القوائم النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة/الدائرة، أن المعركة الانتخابية هذه المرة، لها حسابات، واستتباعاً، أدوات أخرى مختلفة عمّا عرفوه وألفوه من قبل... هؤلاء يتمنون سراً وعلانية، أن تعود عقارب الساعة إلى زمن «الصوت الواحد»، حين كانت الانتخابات لعبة محسوبة بدقة، لا تستلزم كل هذا الجهد والتفكير والتدبير. والثالثة؛ وتضم المصابين بداء «الإخوانوفوبيا»، الذين ما أن شعروا بأن «الجماعة» قد قررت خوض غمار المعركة الانتخابية بـ «دعسة كاملة»، حتى بدأوا بإطلاق السيناريوهات التحذيرية، المبالغ فيها بالطبع، والتي تتحدث عن إمكانية حصول مرشحي الجماعة، على «الثلث المعطّل» في المجلس، وهو سيناريو أقرب للمستحيل، في ظل قانون للانتخاب، صمم أساساً بهاجس «الإخوانوفوبيا»، ويمنع في تفاصيله، أية جماعة، مهما بلغ نفوذها وشعبيتها، من تجاوز حافة الـ 15 بالمائة من إجمالي مقاعد المجلس. كثيرون من دعاة الإرجاء والتأجيل، لن يبوحوا بالأسباب الحقيقية لمواقفهم، لذا سنجدهم يتذرعون بأسباب أخرى، لا صلة لها من قريب أو بعيد، بما يجري في خواطرهم، وما يدور في حسبانهم ... سيقولون إن القانون شديد التعقيد، وعصي الفهم والإدراك والتمثل، وأن الناخب الأردني سيعجز عن استيعاب ديناميكيات عمل القانون وآلياته، وبصورة تبدو معها مواقفهم، ضرباً من الإشفاق على هذا الشعب «الجاهل»، في وقت لا نكف فيه ولا يكفون عن الإشادة بالنهضة التعليمية للبلاد، وبالوعي السياسي للأردنيين والأردنيات، الفائض عن الحاجة. فإن عجزت هذه الذريعة عن إقناع «صانع القرار»، استلوا من جعبتهم ذريعة أخرى، وتتعلق هذه المرة بتفاقم ظاهرة العزوف عن الانتخاب، مع أن أكثر الاستطلاعات تشاؤماً تقدر نسبة المشاركة بما يتراوح حول معدلها العام في الانتخابات السابقة ... طريف أن يتذكر هؤلاء أيضاً، أن ما يقرب من مليون ناخب أردني في الخارج، لن يتمكنوا من مزاولة حقهم الانتخابي، لكأنهم اعتادوا الانتخاب في المرات السابقة وأنها المرة الأولى التي ستعقد فيها الانتخابات من دون مشاركة هؤلاء. وليس مستبعداً على الإطلاق، أن يجري التذرع، بعد نفاد خزان «الذرائع» و»الحجج» الواهية أصلاً، بالظرف الأمني الإقليمي المحيط بنا، على الرغم، من أنهم هم، قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، لا يكفون عن التغني بحكاية «واحة الأمن والاستقرار، في صحراء الإقليم المضطربة بالحروب والصراعات» ... ينسى هؤلاء ويتناسون، أن العراق المضطرب والمنكوب، نظّم عدة انتخابات نيابية في الأعوام العشرة الأخيرة، وأن سوريا المنكوبة بحربها وحرب الآخرين عليها، نظمت انتخابات برلمانية ورئاسية، وأننا في الأردن أدرنا انتخابات اللاجئين والفارين من البلدين، وهم بمئات الألوف على أرضنا، ومن دون أي مشكلة من أي نوع، فلماذا نعجز عن تنظيم انتخاباتنا النيابية والحالة كهذه؟ لا مبرر على الإطلاق، حتى للتفكير في تأجيل الانتخابات وإرجاء الاستحقاق، ولا معنى لعودة نواب المجلس السابع عشر، الذين قيل فيهم ما لم يقله مالك في الخمر لمزاولتهم أعمالهم وصلاحياتهم الدستورية وغير الدستورية.... ولا ضرورة لإطلاق رسائل ضارة للغاية، مفادها أننا دولة عاجزة عن تنظيم انتخابات دورية، أو اننا بلد هش أمنياً، أو دولة تخشى من أبنائها حتى وإن كانوا من جماعة الإخوان المسلمين. لا أحسب أن أحداً في مراكز صنع القرار في الدولة، أو هكذا افترض من باب «الحس السليم»، سيقبل بإرجاء الانتخابات، أو حتى يفكر جدياً بمثل هذا السيناريو ... قطار الانتخابات انطلق من محطته الأولى بحل البرلمان السابع عشر، والأفضل من منظور المصلحة والسمعة والرسالة، أن يصل إلى محطته الأخيرة في العشرين من أيلول/ سبتمبر القادم، من دون إعادة أو تأخير، ومن دون إرجاء أو تأجيل.

(الدستور 2016-08-12)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات