ثلث مليار إشارة تعجب !!
لأول مرة تمنيت لو ان مساحة مقالتي عشر كلمات فقط، ليس على طريقة ما قلّ ودلّ، بل لأعيد ما سمعته بالامس من عزت الشهبندر عبر فضائية بي . بي . سي عن تلك الليلة التي اعدم فيها صدام حسين، يقول ان المالكي لم يشأ ان يكون الاعدام فجر العيد لأن ذلك يشكل استفزازا في العالمين العربي والاسلامي لكن الضغوط العربية عليه دفعته الى الاتصال بالرئيس الامريكي بوش الابن الذي قال له بالحرف الواحد نفذوا حكم الاعدام هذه الليلة . الى هنا انتهى كلام السيد الشهبندر ليبدأ كلام المؤرخ اذا اتيح للعرب ان يكون لهم مؤرخون من طراز ابن الاثير الذي قال لهول ما رأى : كم وددت لو ان امي لم تلدني ! هكذا اذن، جاء تحديد وقت الاعدام فجر العيد من واشنطن، وطويت تلك الصفحة الحمراء بانتظار مؤرخ يعيد نقاط الدم الضالّة الى الحروف، ويسمي القرد قردا والغزال غزالا . اننا رغم بحثنا الدؤوب عن الحقائق نكرهها عندما تتضح بكامل عُريها في عز الظهيرة، وليت السيد الشهبندر لم يقل ما قال كي يبقى لنا ولو القليل من دور الفاعل بعد ان تقاسمنا المفعول به ونائب الفاعل، وبعد ان صدقت نبوءة محمود درويش حين قال : سقط القناع عن القناع، عرب وباعوا ... وها نحن ايضا ندعو لأندلس ان حوصرت حلب، ونبحث عن شرعية للخيانة كي تصبح مجرد جنوح للسلم . فمن منا يحسد الاخر الان ؟ الاعمى ام المبصر، ومن تبقى على قيد عقله ام الذي شرب من نهر الجنون ؟ لقد اصبح المرء متأكدا ان غسل الدماغ وتجريف الوعي والذاكرة هيأت منذ عقدين على الاقل هذا الكائن لكي يصدق بأنه مجرد امعاء تسعى وان الكرة الارضية مجرد رغيف ! ما اصعب ان نكتب مئات الكلمات والحقيقة كلها بضع كلمات فقط لكن اللسان يحترق اذا لفظها والاصابع تشنق اذا تورطت بكتابتها . ما اصعب ان تتحول اللغة الى طاقية اخفاء !!
(الدستور 2016-08-14)