عمان - موسكو - القِرْم.. وبالعكس

تم نشره الأحد 14 آب / أغسطس 2016 12:27 صباحاً
عمان - موسكو - القِرْم.. وبالعكس
محمد خروب

حسناً فعلت جمعية الصداقة الاردنية الروسية ونادي ابن سينا الذي يضم في عضويته خريجي الاتحاد السوفياتي وروسيا الاتحادية, عندما نظّما «رحلة» الى شبه جزيرة القرم تستهدف، ضمن أمور اخرى، التعرف الى طبيعة «الأزمة» المُتفاقمة التي خلّفها عودة القِرم الى الوطن الام، بعد ان كان «سَلَخَه» عنها, قرار الامين العام للحزب الشيوعي السوفياتي اوكراني الاصل، نيكيتا خروتشوف، ظناً من الاخير بأن خطوته هذه غير المسبوقة, التي نُقِلَت فيه «السيادة» من روسيا الى اوكرانيا، لا تعدو كونها مجرد قرار اداري لا اهمية او خطورة سياسية او تبعات «قومية» له ضمن ما كان يُعرف بالاتحاد السوفياتي، الذي لم يكن أحد ولا حتى في اسوأ الاحلام كابوسية ان يتصور أنه سيتفكك ويدخل في ذمة التاريخ، لا بالطريقة التي لفظ فيها انفاسه, ولا بحجم «المؤامرة» التي استهدفته، سواء من داخل النخبة الحزبية المُتكلِّسة والبليدة والغارقة في انعزاليتها عن الجماهير التي بنت الاتحاد السوفياتي نفسه, بالعرق والدموع والدماء التي سفكها قادة الحزب بانفسهم, اولاً عبر سلسلة المؤامرات والتصفيات التي دبروها لبعضهم البعض, ام لجهة مغالاتهم في تغليب النظري والبيروقراطي وغير المجدي في نقاشاتهم وسلوكياتهم, وخصوصاً علاقاتهم بجمهوريات الاتحاد السوفياتي ذاته, ام بتلك الروابط التي جمعتهم مع دول العالم وخصوصاً دول العالم الثالث وعلى رأسها الدول العربية التي كانت وما تزال غارقة في الاستبداد والفساد وغياب الديمقراطية والتي بدت في لحظة ما, وكأنها تجد دعماً «مفتوحاً» لديكتاتوريتها وانعدام كفاءاتها... من موسكو.

ما علينا..

الجمعية والنادي, نظّما رحلة الى القِرم عبر موسكو كون «الاول» كما روسيا, يخضعان لعقوبات دولية (اقرأ اميركية واوروبية) قاسية ومُكلفة وغير قانونية، تركت وتترك اثارها السلبية بل المدمرة على شعب القِرم (والشعب الروسي ايضاً) بغير مبرر او اسانيد قانونية, سواء في نصوص القانون الدولي ام في وضع حق تقرير المصير للشعوب في أعلى اولويات جدول الأعمال الدولي، لازالة الكثير من المظالم والشرور التي لحقت بشعوب عديدة, كانت ضحية سياسات استعمارية استخدمت قدراتها وامكاناتها وخصوصاً قوتها العسكرية والاقتصادية, من أجل فرض خرائط جديدة واقامة تحالفات تخدم مصالحها واحتكاراتها الاخطبوطية, ضاربة عرض الحائط بكل ما تواضعت عليه الأمم المتحضرة, من نزوع الى دعم حرية الشعوب وتفعيل طاقاتها وضمان ثرواتها لصالح ابنائها وليس لوضعها في خدمة المُستعْمِر او حماية لمصالحه ومشاريعه الامبريالية.

وحتى لا تقع الجمعية والنادي في خطيئة «التمويل» المدفوع مُسبقاً من قبل الجهات ذات الصلة في المنطقة التي عزمت زيارتها والتعرف الى طبيعة الأزمة التي ما تزال فصولها تتوالى في شكل مفاجئ واحياناً في شكل تبدو فيه الأمور وكأنها «نجت» من براثن المخطط الاميركي الغربي, الرامي الى إحكام طوق الحصار الاقتصادي والعسكري والجيوسياسي على روسيا، فإن الرحلة من لحظة انطلاقها يوم الجمعة الخامس من الشهر الجاري حتى فجر يوم امس السبت، قد تم تمويلها بالكامل من «جيوب» الأحد عشر شخصاً الذين اتفقوا على ان يدفعوا كل كلفتها من تذكرة الطائرة حتى المبيت في الفندق ووجبات الطعام والتنقلات، سواء في موسكو نفسها ام في عاصمة جمهورية القِرم سميفروبل, تلك المدينة الفقيرة والمتواضعة وذات البنى التحتية المتهالكة والقديمة والمهملة عن قصد من قبل السلطات المركزية في كييف (طبعاً قبل استفتاء آذار 2014)، وصولاً الى يالطا المدينة الخلابة الشهيرة التي يزورها خمسة ملايين ونصف من السياح والمعروفة بقِمَّتها الثلاثية التي جمعت «الثلاثة الكبار» ستالين, روزفلت وتشرتشل, الذين انتصروا في الحرب العالمية الثانية, حيث كرّست ذلك الانتصار على النازية والفاشية، الذي تم بتحالف غير مسبوق بين القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا, مع الاتحاد السوفياتي الذي حسمت قوته العسكرية الضاربة, المعركة لصالح الانسانية رغم الخسائر الفادحة التي تكبدها وصولاً الى الميناء «الأخطر» ربما في العالم والمعروف باسم المدينة المطلة على البحر الاسود ويقيم فيها منذ عقود طويلة اسطول البحر الاسود السوفياتي والروسي لاحقاً... «سيفاستبول», حيث كانت الخطة الاميركية بعد النجاح «الخرافي» في تقويض الاتحاد السوفياتي دون حرب عسكرية, تقضي باقصاء هذا الاسطول وتشتيته بعد ان تكون قد اوجدت في كييف حكومة ترفض تجديد «عقد الايجار» الذي عقدته روسيا مع اوكرانيا بعد ان «استقلت» الاخيرة في العام 1991, لتغدو موسكو بلا ميناء «مؤهل» وعميق التجربة والخبرة والكفاءة في تزويد اسطولها بما يحتاجه من صيانة او بناء سفن او تجديد, وغيرها مما يندرج في اطار «المواجهة» مع الغرب، والتي لم تنته بانتهاء الحرب الباردة بل ازدادت شراسة وعدوانية لان المنتصر لا يقبل إلاّ «بإذلال» العدو... وتركيعه.

(الرأي 2016-08-14)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات