دعوة لوليد المصري للتحرك السريع!
وضعتني الصدفة، خارج عمّان، قبل سنوات، في جلسة “عصف ذهني” حول مدى الظلم الذي تتعرّض له المحافظات الأردنية، وكلّ ذلك لسبب التركيز على العاصمة، وكان للمهندس وليد المصري قبل انضمامه للحكومة رأي واضح وصريح، فلا حلّ استراتيجياً سوى اللامركزية.
كانت فكرة اللامركزية قد طُرحت قبل قليل، وتحت مسمّى “الأقاليم الأردنية”، وتعرّضت إلى هجوم غير مسبوق، لا علاقة له بالبراءة، وتركّز على أن هناك “مؤامرة دولية” تقف وراءه، حيث سيتوسّع الأردن شرقاً ليضمّ المناطق العراقية “السنيّة، وغرباً ليضمّ الضفة الغربية، لتشكّل هذه مع ثلاثة أقاليم موجودة أصلاً هي الشمال والوسط والجنوب المملكة الأردنية الهاشمية الجديدة!
وكان هذا واحداً من أسباب تأجيل مشروع اللامركزية سنوات وسنوات، ولكنّه تحقّق في آخر الأمر على شكل قانون، ويبدو التركيز الملكي عليه واضحاً، ونقرأ في كتاب تكليف المهندس هاني الملقي التالي: …”وفي الإطار ذاته، فإن قانون اللامركزية الذي أنجز خلال العام الماضي يعد حلقة مهمة من حلقات الإصلاح السياسي، والذي يقوم على تعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار التنموي؛ ما يساهم في تطوير وبناء قدرات المحافظات ويحقق توزيعاً أكثر عدالة لمكتسبات التنمية. لذا، على الحكومة إصدار جميع الأنظمة والتعليمات الضرورية لتنفيذ قانون اللامركزية، بما في ذلك اتخاذ الترتيبات الضرورية لإجراء انتخابات مجالس المحافظات العام المقبل”.
والمعروف أنّ المهندس وليد المصري، وزير البلديات، الذي ظلّ يحمل على مدار السنوات القناعة الكاملة بهذا المشروع، هو الذي أشرف على وضع مسودة القانون، وهو الذي دافع عنه، باعتباره كان وزيراً في الحكومة السابقة، وهو الذي سيشرف أيضاً على إصدار الأنظمة والتعليمات التي ستعلن قريباً، وحسب توقعاتنا فقد يكون هو الذي سيشرف على الترتيبات النهائية بما فيها إجراء الانتخابات في العام المقبل.
وقد يكون غريباً أنّ نتحدث عن انتخابات ستجري العام المقبل، ونحن على أعتاب انتخابات ستجري في الشهر المقبل، ولكنّنا على قناعة بأنّ الاثنتين تشكلان وجهين لعملة واحدة على الجميع، وكما هو العبء كبير الآن على وزير التنمية السياسية ورئيس هيئة الانتخابات في شرح قانون الانتخاب، فمن المهم بذل جهد أكبر في تنوير النشطاء بقانون اللامركزية؛ لأنّ الكثير من المرشحين للأولى مؤهلون أكثر لخوض الثانية، والعكس صحيح.
دعوتنا، الآن، إذن، لوزير البلديات إلى بدء حملته بالتوعية بشكل مواز، ولعلّ الإسراع في إصدار الانظمة والتعليمات سيساهم في هذا الأمر، ويبقى أنّنا نعوّل على تطبيق قانون اللامركزية كثيراً؛ باعتباره الذراع الآخر للاصلاح السياسي، والحلّ المؤكد للكثير الكثير من مشاكل المحافظات والمناطق المهمّشة.
(السبيل 2016-08-14)