خلايا حاقدة
تتسلل الينا يوما بعد يوم، اكتشافات جديدة، اقلها ان تصرفات تنظيم داعش، باتت فرصة عند البعض، لمحاولة اختطافك نحو كلام يقول ان المشكلة في الاسلام ذاته، وليس في التنظيم وحسب!. المتضررون من داعش، وهم المسلمون اولا، قبل غيرهم، يرون اليوم بأم اعينهم كيف توظف تيارات معينة، كل فظائع داعش، من اجل الاستخلاص القائل ان المشكلة في الاسلام ذاته، فهو الدين الذي يكفر الناس ويأمر بالقتل، وان التنظيم ذاته يستمد كل ادبياته من كتب التراث الاسلامي، وهذا يعني ان المشكلة في الاسلام ذاته، وليس في التنظيمات التي تعمل باسمه، ويعددون قصصا كثيرة من التراث، دلالة على اننا دواعش بالوراثة والفطرة. كشفت هذه المحنة تيارات كيدية منحطة، تريد ان تجعل الاسلام وداعش في سلة واحدة، وهي لاتختلف عن بقية التيارات السياسية، التي لاتريد اي شكل اسلامي، معتدلا او غير معتدل، متطرفا او غير متطرف، ولو تأملنا قائمة المحظورات لعرفنا انهم لايريدون الاسلام الا في كتب الكتاب عند الزواج، وعند الطلاق وحسب. قيل الف مرة ان ادبيات داعش ليست من الاسلام، وان علماء كثرة، يكذبون هذه الادبيات، ويعتبرونها مجرد دس في التراث، وان الاف الحكايات والروايات والقصص المنسوبة الى الاسلام، تم وضعها في وقت متأخر، وكل العلماء العاقلين يقولون انها غير صحيحة ابدا، فالتاريخ مزور، ويفيض بحملات تشويه السمعة في وقت مبكر، ولو كان الاسلام بنسخته الداعشية هو الذي تعامل الناس معه حين برز الاسلام، لما دخل في الاسلام عشرة اشخاص، لكنهم امام هذه الحقيقة يضعون العجين في اذانهم، فهي لا تخدم مآربهم ابدا. قيل هذا الكلام مرارا، لكن لا احد يسمع، فهم يريدون اي دليل على ان الاسلام غير صالح، وان الاسلام اجرامي، وانه دين القتلة، وانه لايحترم الاخرين، وانه دين تصفوي، وبرغم ان لدينا مليون دليل على ان الاسلام رحماني بطبيعته، الا ان لا احد يريد ان يسمع، فالمسلمون الاوائل لم يهدموا اثرا لحضارة سابقة، ولم يقتلوا مسلما او مسيحيا، والادلة هنا لا تعد ولا تحصى. تيارات كيدية، تريد ان تستعمل داعش وافعاله في العالم العربي والغرب، لتلطيخ سمعة الاسلام والمسلمين، وبحيث نمضي عمرنا في الدفاع عن انفسنا، وفي وضعية تبرؤ، بل ان بعضنا من شدة الفتن، بدأ يخلع ملابسه قطعة، قطعة، كي يثبت للعالم انه متنور، وانه ابن زمنه، وانه مطابق للمواصفات والمقاييس، وانه ليس ابنا لهذا الاسلام، والنتيجة انهم يطلبون المزيد من التنازلات، والمزيد من التغيرات، ولم يبق الا ان نعلن الطلاق رسميا مع الاسلام حتى يرضى عنا العالم. اكثر من مليار مسلم في العالم، لا يؤذون البشر، ولا يعتدون على جار ولا قريب ولا غريب، ولا يمسون حرية عبادة احد، ولا يكفرون احدا، فيتم ترك كل هؤلاء والانشغال ببضعة الاف، واعتبارهم نموذجا ممثلا للاسلام، بل فوق هذا يصير كل المسلمين في وضعية دفاع، ولا يكتفون منا، بالتبرؤ واعلان اننا ليس كذلك، بل يراد ان نتخلى عن كل شيء، وان تكون براءة كاملة من قيمنا، حتى يرضى علينا هذا العالم، والا فأنت داعشي مستتر، وانت تكفيري كامن، وانت شخص قابل للتحول الى قنبلة، وانت شخص شبق متطلع لخمر الآخرة والجواري، وغير ذلك من قصص. الحرب على هوية هذه المنطقة، حرب كبرى، واشد ما يثيرك فيها، ان بعض ابناء هذه المنطقة، يصفقون فرحا بسبب ما يعتبرونه تشوه سمعة المسلمين، وانكشاف حقيقتهم، فماذا يراد لاهل هذه المنطقة، هل يرحلون، او يتخلون عن دينهم، او يصبحون بلا دين، او يعتنقون عقيدة جديدة من عقائد الهند والسند؟!. من الغباء ان يتعمد البعض ان يخلط بين خطايا داعش، والاسلام ذاته، فهنا تنكشف النوايا الحقيقية لهؤلاء،، والمسلمون ذاتهم يقولون ان فقه داعش، هش وضعيف، وفيه اكاذيب كثيرة، ولا يتبناها اغلب العلماء، ولا الناس ايضا، فمن منا، يقبل بالاعتداء على مواطنيه الاخرين، او على بنات الناس، او عقائد الناس، ومن منا، يقبل بهدم السلم الاهلي، تحت عناوين تافهة، ولماذا تتناسى الخلايا النائمة الكارهة للاسلام، الاف القيم الايجابية والحياتية، لصالح تثبيت صورة الاسلام عبر داعش؟!. ليتنبه كثيرون، فهذا استفزاز بات مكشوفا جدا، اذ ان السعي لتأهيل المنطقة ونزع هويتها بات واضحا جدا، وهي عملية ستأخذنا الى المزيد من ردود الفعل الغاضبة، خصوصا، حين يتصيد العالم اي خطأ لداعش، او لاي جهة تعنون نفسها بالاسلام، وتوظف هذا الخطأ للطعن في كينونة الاسلام ذاتها، وهذه الخلايا النائمة التي تحقد على الاسلام، اسوأ من داعش التي تتدعي انها تخدم الاسلام، وهي تسيء له، وبهذا المعنى فان الطرفين يتشاركان في مهمة واحدة، اي تدمير سمعة الاسلام في العالم.
(الدستور 2016-08-14)