كتلتان إسلاميتان في برلمان واحد
تتنافس الانتخابات الحالية، قوائم واسماء، تنتمي لجماعة الاخوان المسلمين، سواء الجماعة التقليدية التي تعد غير مرخصة، وفقا للتعبير القانوني، والتي لديها حزب جبهة العمل الاسلامي كبديل سياسي، وتلك المجموعة التي تم ترخيصها، والاغلب ان عددا لا بأس به من الطرفين سوف يصل الى البرلمان. لكل فئة نقاط قوتها، فالجماعة غير المرخصة، لديها عوامل قوة عديدة، ابرزها المظلومية والاستثمار فيها، ثم تسييل قضايا مختلفة لصالح مرشحيها، بما في ذلك قضايا اقليمية ابرزها الانقلاب على اردوغان، الذي له تداعيات محلية لصالحهم، اضافة الى الاجواء التي تولدت اثر قصة الرسم الذي تسبب بتجييش كبير للعواطف الدينية، وقضايا اخرى ابرزها الفساد، ثم الحاجة الى اصوات كانت غائبة عن المشهد طوال سنوات فائتة، وتستفيد هذه المجموعة من كتلة مصوتين تبلغ 300 الف صوت خصوصا في عمان والزرقاء واربد، وهي كتلة المصوتين التقليدية، خصوصا، اذا نجحت هذه المجموعة بإخراج هذه الكتلة التصويتية من حيادها او غيابها او سلبيتها. المجموعة المرخصة من ابرز نقاط قوتها، امتداد افرادها المرشحين اجتماعيا وعائليا، اضافة الى عدم وجود مضايقات او ممانعات، تجعلهم غير مرحب بهم، فيما الشعار الديني يفيد جزئيا، لكنه لن يكون عاملا اساسيا، خصوصا، في ظل اعتقاد الاغلبية ان هذه المجموعة خرجت من الجماعة الام، ولا تمثل التنظيم الاساس، والالتباس هنا، بحد ذاته يسبب تداعيات كثيرة، كما تستفيد هذه المجموعة من الناخبين خصوصا في المحافظات، لاعتبارات كثيرة، ولاننكر هنا، ان هناك تيارا يؤمن ان اي حزب او حركة، مهما كانت شعاراتها قومية او دينية، فلا بد من ان تكون اردنية القلب اولا، وبالطبع لهؤلاء عدد من الانصار، لكنه على الاغلب ليس عددا سياسيا، بقدر كونه عددا اجتماعيا، سيتم تسييله سياسيا. في الحالتين، سنجد انفسنا امام كتلتين اسلاميتين في البرلمان، وربما جهات كثيرة تعرف هذه الحقيقة مسبقا، ولا تمانع في هذا المشهد، بل ان كل ما تريده، ان تكون كتلة كبيرة منهما، مقابل كتلة اصغر، وان لايكون العنوان الاسلامي، حكرا على مجموعة واحدة، ومنذ الان علينا ان نتوقع اذا جرت الانتخابات دون اخطاء ودون اشارات لصالح احد ضد احد، ان يصل نواب اسلاميون من الجهتين، وان نشهد ولادة كتلتين، بينهما علاقة منافسة ومناددة واختلاف تحت قبة البرلمان، بما يعني ان الخلاف داخل جماعة الاخوان المسلمين سينتقل بشكل آخر الى مجلس النواب، وكل هذا على افتراض ان العملية الانتخابية لن تشهد فلترة للمرشحين، تؤدي الى عرقلة فلان، وتأخير علان، ومساعدة هذا ونصرة ذاك، بل لربما هناك بوصلة تتمنى ان تكون كتلة المجموعة المرخصة اكبر بكثير من الكتلة الاخرى، لغايات اثبات، نهاية تمدد الاخوان التقليديين في الشارع. في الظلال هناك من يعتقد ان هناك صفقات جرت سرا بين الدولة، ومرشحي حزب جبهة العمل الاسلامي، او الجماعة غير المرخصة، حصرا، لضمان قضايا عدة، واعتقد ان الكلام غير صحيح، بل لربما تتعمد الجهات المختصة تركهم للترشح، لاثبات ان شعبيتهم انخفضت في الشارع، مع مساعدة مرشحين اقوياء اساسا في بعض المناطق، حتى من خارج التيار الاسلامي بشقيه، بما يؤدي الى احلال مرشحين مكان مرشحين في نتائج الانتخابات بشكل طبيعي، عبر نظرية الازاحة، دون ان يتم التأثير المباشر على الانتخابات. في كل الحالات يبدو التحدي الاكبر هذه الانتخابات، رفع نسبة التصويت، وعدد المصوتين، وهذا برأي مراقبين، فيما من يحللون على اساس ذهنية رسمية فقط، يعتقدون ان الاهم بالنسبة للدولة، ليس عدد المرشحين ولا عدد المصوتين، بل نوعية النواب القادمين على الطريق، دون ان تكون هناك ممانعة فعلية لوجود نواب من اتجاهات سياسية مختلفة، باعتبارهم مجرد مذاق سياسي، لا يصح غيابه، ولا يضر وجوده ايضا.
(الدستور 2016-08-21)