قنوات عديدة ومصب واحد !!
آخر ما تفتقت عنه عبقرية احدى القنوات الدينية هو مطالبة العرب بالكف عن اي كلام له صلة باحتلال فلسطين، وذلك لأنهم يحتلون منذ زمن طويل مصر والشام، فهل كان الامر سيصل الى هذا الحد لولا حالة السُّعار التي انتابت الغلاة والمتطرفين من كل الأديان ؟ واذا كان العنف يُنتج بالضرورة العنف وكذلك الارهاب، فإن أية وصفة تخضع للجغرافيا لن تكون قابلة للصرف، وان صرفت فلن تكون علاجا شافيا . لقد كانت الحرب الدينية على امتداد التاريخ من أعنف الحروب وأشدها ضراوة، لأن اطرافها يزعمون احتكار الحقيقة كلّها، وفقه الاقصاء والتكفير من صميم التطرف، ومن لا يأخذون ما تبثه القنوات الدينية على اختلاف المرجعيات بجدية يجهلون او يتجاهلون ما لها من دور في تجريف الوعي، وبث ثقافة التّنابذ والكراهية، لأنها تتوجه الى بشر ليسوا سواسية في مستوى الإدراك، ومنهم من يسهل اصطياده واغواؤه بسبب ضعف مناعته الذهنية . والرقيب العربي الذي يقرأ رواية او قصيدة تحت المجهر ويحاسب صاحبها على جملة بعد التقويل وليس التأويل يتعامى عن كل ما تبثه القنوات ذات الشعارات الدينية وهي التي تخصصت على ما يبدو في اعلان الحرب على الدين باسم الدين . ومن حقنا ان نتساءل كيف تعلن حرب كونية ضد بؤر الارهاب في العالم ويستثنى منها هذا الخطاب المسمّم ؟ الذي لا يكف على مدار الساعة عن التحريض والتكفير ؟ ان القنوات الدينية على اختلاف الاسماء والتوجهات تلتقي الان عند مصّب واحد هو الضربة القاضية للتعايش او ما تبقى منه على قيد الثقافة والتاريخ. ان هذه الثقافة المضادة للعقل والدين والانسان تستفيد من الاستخفاف بها لأنها تنمو كأعشاب سامّة تهدد كل جذور الشجر !!
(الدستور 2016-08-28)