ربّة البيت الابيض !
ليس استباقا لنتائج الانتخابات الامريكية التي تبقى حتى ربع الساعة الاخير مجالا للسّجال، كما انه ليس ارتكازا الى استطلاعات الرأي او حتى ما وصل اليه العدد التقريبي للناخبين، فالأمر بالنسبة لي على الاقل مجرد قراءة من خارج الصناديق، فالولايات المتحدة التي شهدت اربابا عديدين للبيت الابيض لم تشهد ولو لمرة واحدة سيدة تشغل منصب الرئيس، رغم ان هناك دولا في العالم الثالث سبقت امريكا الى ذلك، واذا كانت قد اجتازت حاجز اللون في فوز اوباما، فإن ما تبقى هو اختراق الحاجز الاخر الانثوي، ومن قرأوا مذكرات هيلاري كلينتون عن ايامها ومهماتها التي وصفتها بالصّعبة يجد انها تشعر بالامتنان لكل العوامل التي ساهمت في تأهيلها على الأقل للشعور بالاستحقاق الرئاسي الذي لولاه لما خاضت معركتها . وليس فوز سيدة لتكون اول ربة بيت للبيت الأبيض معناه ان ما سيحدث في الادارة الامريكية هو انقلاب امازوني، فهناك نساء وصلن الى السلطة في عصرنا منهن من تجاوزت اصلب الذكور ومنهن من اطلق عليهن لقب المرأة الحديدية، لهذا فإن ثنائية التذكير والتأنيث ليست لها علاقة جدية وفاعلة في دول تدار بالمؤسسات ذات التقاليد، لهذا فتأنيث البيت الابيض له بُعد رمزي وثقافي وتاريخي، يتجاوز الدلالة السياسية، خصوصا في امريكا التي كانت تحرّم على النساء دراسة الطب في بعض المراحل وترى ان هناك من المهن ما هو حكر على الذكور . واذا كان هناك في الغرب من يتعاطفون مع الجمهوري الصاخب ترامب ويعلنون انهم لو كانوا امريكيين لانتخبوه بلا تردد ومنهم عائلة لوبان الفرنسية، فإن هناك بالمقابل نساء في مختلف القارات قد ينتظرن فوز هيلاري لتسديد مديونيات تاريخية، واذا قيّض للسيدة هيلاري ان تعود الى البيت الابيض رئيسة هذه المرة وليس زوجة رئيس، فإن الولايات المتحدة ستكون قد اخترقت حاجزين في اقل من عقد من الزمن !!
(الدستور 2016-09-04)