نفاق سياسي

تم نشره الأحد 04 أيلول / سبتمبر 2016 12:35 صباحاً
نفاق سياسي
ماهر ابو طير

كم يبدو هذا العالم غارقا الى اذنيه في النفاق السياسي، فالنظام السوري ذاته، الذي قامت الدنيا ضده قبل اعوام، لاستعماله السلاح الكيماوي، المتمثل بالكلور، يعود اليوم، لاستعمال اسلحة محرمة، ابرزها الكلور، دون ان يتحرك العالم، فالظروف اختلفت، والقصة في الاساس، ليست قصة اسلحة محرمة. الشعب السوري، يدفع ثمنا رهيبا، النظام يستعمل الكلور، والطائرات الروسية تقصف بأسلحة محرمة دوليا، وتنظيم داعش يستعمل الخردل، والكل اجتمعوا على استعمال الاسلحة الكيماوية، التي تترك اثرا على البيئة لفترات طويلة، اضافة الى اضرارها المدمرة. هذا يعني ببساطة ما يقال دوما، فالمدنيون يدفعون ثمن هذه الحرب، والطائرات الروسية التي تلقي بقنابل فسفورية، تعرف مسبقا، انه بذريعة عشرين شخصا مطلوبا في حي او عمارة، تتم ابادة الحي بأكمله، فحتى عدالة القتل هنا غير متوافرة، والانتقائية في الحرب مضيعة للوقت، والاسهل المحو الكلي، للحي او المنطقة. لماذا لم تغضب دول العالم الحر، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، جراء تفشي استعمال الاسلحة المحرمة والاسلحة الكيماوية مجددا في سورية، هذا هو السؤال الذي تقول اجابته، ان العالم من حيث المبدأ رفع يده عن الفصائل السورية، وقرر ايضا، اشاحة الوجه عن قضية الشعب السوري، حتى من الزاوية الاخلاقية، التي تمنع استعمال اسلحة كيماوية، ويتلهى بتقارير ولجان في مجلس الامن، بشأن الاسلحة الكيماوية؟!. الا تلاحظون ان اسرائيل ايضا صامتة، برغم انها كانت تخشى دوما، من وجود اسلحة كيماوية عند دول الجوار، او لدى التنظيمات، وسبب الصمت هنا، يعود الى كون تل ابيب ذاتها، تدرك ان كل هذه الاسلحة الكيماوية، بيد دمشق الرسمية او موسكو او الفصائل لن يتم استعمالها يوما ما ضد اسرائيل، اضافة الى ان التعامي عن وجودها، مفيد، في حرق السوريين، وتصفية كل الحسابات، وحرق كل المنطقة. بهذا المعنى، ومن باب القياسات فقط، فإن صدام حسين مثلا، لو تكيف مع مطالب كثيرة، ولو لم يحاول التمرد على الارادة الدولية، ولو لم يقصف اسرائيل بالصواريخ، لسكت العالم كله، عن استعماله ايضا للسلاح الكيماوي شمال العراق وضد الاكراد، فالقصة لم تكن محاكمته على السلاح الكيماوي، بقدر خروجه عن خطوط كثيرة وتحديه لمراكز لا تقبل التحدي اساسا، وهذا درس باتت تفهمه غالبية الحكام العرب. هذا عالم منافق، بلا اخلاق، وقتما يريد يصير السلاح الكيماوي سببا في تحريك الجيوش، ووقتما يريد يسكت ويتعامى، والسذج فينا فقط، من يصدقون ان هناك اخلاقا في السياسة، أو ان هناك عدالة في الاساس، في هذا العالم.

(الدستور 2016-09-04)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات