هل يرسم «الخطأ» خريطة المنطقة ومستقبلها ؟!

تم نشره الإثنين 19 أيلول / سبتمبر 2016 12:14 صباحاً
هل يرسم «الخطأ» خريطة المنطقة ومستقبلها ؟!
محمد كعوش

التطورات الاخيرة العسكرية المتسارعة في سوريا اكدت ان لعبة الدول والامم ، داخل سوريا وحولها ، أكبر من الهدنة ، واكثر من تقديم مساعدات انسانية للمحاصرين ، واكبر من الحرب الاهلية ،لأن الصراع في سوريا لم يعد بين النظام والمعارضة ، فالقضية اصبحت رهينة التأزم بين تحالفات دولية ، بل قلب الصراع بين الدول الكبرى على المصالح في المنطقة ، وهو الواقع الذي يمنع الحسم العسكري ، كما يعرقل الحل السياسي . لذلك بقيت القضية تراوح في مكانها طوال هذه المدة ، ولا اعتقد ان الحل سيظهر في الافق المرئي القريب .

الثابت اليوم ، أن الولايات المتحدة التي تحتل قواتها مواقع داخل الاراضي السورية الشمالية ، وترفرف اعلامها فوق التراب السوري ، تقاتل مع الفصائل الكردية تحت عنوان « مستشارون عسكريون « . وفي الوقت ذاته تقدم الدعم والحماية لتنظيمات مسلحة اخرى ، بل ذهبت الى ابعد من ذلك فقصفت طائراتها مواقع للجيش السوري في دير الزور ، تحت عنوان « الخطأ» !!، وهو ما يؤكد ان واشنطن لن تسمح بحسم عسكري سوري في الشمال ، وهي التي تسارع الى طلب وقف اطلاق النار وفرض الهدنة في كل مرة يحقق فيها الجيش السوري انجازات عسكرية على الارض .

بالمقابل ، القيادة الروسية ، التي وصلت سفنها الى المياه الدافئة شرقي المتوسط ، وأنشأت قاعدة جوية لطائراتها في حميميم ، تسعى الى عدم الانفراد في حل المسالة السورية ، أو التغلغل في الحرب السورية كثيرا ، وكل جهودها السياسية والعسكرية تتمحور حول هدف واحد هو عد السماح باسقاط النظام أوتفكيك الدولة ، أو اي حسم عسكري ضد النظام يتحقق عبر تدخل عسكري خارجي ، لذلك تحول موسكو جر بعض الاطراف الاقليمية والدولية للمشاركة في ايجاد حل سياسي للازمة السورية ، كي تضمن عدم التصعيد ، وبالتالي تتجنب شرور هذه الدول ، وبالذات الولايات المتحدة التي تدخلت عسكريا في الشمال ، وكذلك تركيا .

واللافت أنه في الوقت الذي تم فيه الأعلان عن التوصل الى اتفاق بين لافروف وكيري حول الهدنة في سوريا ، ارتفعت الاصوات الاميركية التي تتحدث عن تقسيم سوريا والعراق ، فقد شكك رئيس وكالة المخابرات الاميركية جون ترينان بامكانية عودة سوريا الى دولة موحدة بنظام مركزي . وجاءت الضرية الجوية الاميركية للجيش السوري في دير الزور لتلقي المزيد من الشكوك حول الدور الاميركي في سوريا .

هذا الواقع ، الطافح بالفوضى والعنف ، والتطورات السياسية والعسكرية المتسارعة ، فتح شهية بعض الدول الاقليمية الطامعة الواهمة ، لاعتقادها ان خريطة سوريا وضعت فوق طاولة التقسيم ، وخصوصا تركيا ، المتضررة من المشروع الاميركي بدعم قيام اقليم « كردستان سوريا» في الشمال ، فاتحة لمشروع التقسيم . هنا تعارضت المصالح الاميركية مع المشروع التركي أو حلم اردوغان ، فقامت القوات التركية باجتياح الحدود ، تحت مظلة التنظيمات المعارضة ، وتوغلت دباباتها في الاراضي السورية ، رافعة العلم التركي ، خارقة سيادة بلد مجاور ، دون اعتراض من الشرعية الدولية .

الثابت ان تركيا ، الداعمة للتنظيمات المسلحة الارهابية ، اجتاحت الاراضي السورية بهدف مقاتلة الاكراد ، ومن أجل دعم التنظيمات المسلحة المتعاونة معها ، وكذلك من اجل فرض منطقة آمنة تابعة للسيطرة العسكرية التركية ، وهو مطلب تركي قديم جديد ، وربما يكون مشروع تقاسم تركي - اسرائيلي ، لأن اسرائيل حركت قواتها على الحدود مع سوريا عبر نشاط عسكري ملحوظ ، تزامن مع الاجتياح التركي للحدود السورية ، وقصفت مواقع عسكرية سورية ، وقد يتطور الامر الى ما هو ابعد بهدف توظيف الواقع السوري من اجل طي ملف الجولان المحتل .

اخيرا نقول : أن التطورات تتسارع ، والتحالفات تتغير ، في ظل تحولات تاريخية خطيرة ، تؤكد ان الصراع في سوريا وعليها يصنع تاريخ المنطقة ومستقبلها .

(المصدر: الرأي 2016-09-19)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات